وقوله:«وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ»، أي إذا أُحيل على مليء فليحتل، هذا في قبول الحوالة إذا كانت على مليء، إذا كان لك دين على إنسان، وحوّلك على مليء، فعليك أن تقبل الحوالة، تطالب إنساناً بعشرة آلاف ريال، حوّلك على إنسان مليء، تقبل الحوالة، ولا بأس.
الحديث الثالث: يدل على أن من أدرك ماله عند إنسان قد أفلس، فهو أحق به، إذا أدرك ماله عند رجل قد أفلس، أو امرأة قد أفلست، فهو أحق بماله، فإذا بعت على إنسان سيارة، أو بعيراً، ثم بان إفلاسه، أي ما عنده شيء مُعدم، فلك أن ترجع في مبيعك إذا وجدته بعينه، لم يتعلق بحق للغير، بل وجدته بعينه، فلك أن ترجع فيه، أما إن كان قد تغيَّر بأن زاد زيادة بيّنة، يختلف بها الحكم، أو يزداد بها الثمن، أو وجدته قد رهنه، أو وَرِثه آخر، أو نحو ذلك، فلا حق لك، أما إذا وجدته بعينه، ولم يقضك من الثمن شيئاً، فأنت أولى به، كما في الرواية الأخرى:«ولم يقضِ من ثمنه شيئاً»(١).
(١) قال مالك في الموطأ، ٤/ ٩٧٨: «عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ»، وهو مرسل، وذكره في جامع الأصول، ٢/ ٥٥٠ بلفظ: «ولم يقض» بدلاً من «يقبض»، وأيده لفظ: «ولم يقض»، وأيد وصله الحافظ في بلوغ المرام في التعليق على الحديث رقم ٨٨٥ بترقيم الفقي، فإنه أورده بلفظ: «ولم يقضِ الذي باعه من ثمنه شيئاً ...»،.ثم قال: «ووصله البيهقي، وضعفه تبعاً لأبي داود، وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على هذا الحديث: «أبو داود لم يضعفه، وإنما قال: رواية مالك أصح، والصواب أن الرواية موصولة جيدة تؤيد المرسلة»، وهو في أبي داود مرسلاً أيضاً، كتاب البيوع، باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، برقم ٣٥٢٢: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحارث بن هشام أن رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فذكر معنى حديث مالك، زاد: «وَإِنْ كَانَ قد قَضَى مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فيها»، قال أبو بكر: وقضى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أنه من توفي وَعِنْدَهُ سلعة بِعَيْنِها، لم يقضِ مِنْ ثمنها شَيْئًا، فصاحب السلعة أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فيها». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حديث مالك أصح»، وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل، ٥/ ٢٦٩.