للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا فوائد منها: أنه يقتل الرجل بالمرأة, وقوله جل وعلا: {الأُنْثَى بِالأُنْثَى} (١)، لا مفهوم له، بل تقتل الأنثى بالرجل، والرجل بالأنثى.

ومنها أن الإشارة يعمل بها في تعيين المتهم، وفي المسائل الأخرى التي لا يترتب عليها التعدي على آخر؛ ولهذا كان يشير في صلاته [بيده] (٢) - صلى الله عليه وسلم - في أشياء كثيرة، كما أشار في صلاته - عليه الصلاة والسلام - لما سلموا عليه، أشار بيده - عليه الصلاة والسلام -، وأشار إليهم لما صلوا قياماً وهو جالس، أي اجلسوا (٣).

والإشارة لا بأس بها عند الحاجة إليها، يعمل بها ما لم يكن فيها دعوى على أحد، فلا يكتفى بالإشارة، وإنما تقتضي الدعوى: أي لا بد مع الدعوى من بينةٍ، أو إقرارٍ؛ ولهذا لما أشارت مدعية على اليهودي، لم يكتفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بإشارتها، ولكنها تضمنت الدعوى على هذا الشخص، فأخذوه فاعترف، فلما اعترف حُكِمَ عليه بالقصاص باعترافه، لا بمجرد إشارتها، بل باعترافه، وهذا يُسمَّى غِيلة، قتل غيلة، وفي الصحيح: أن قتل الغيلة يجب فيه القود (٤)، ولا يُستشار فيه


(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٨.
(٢) ما بين المعقوفين «بيده» أضفته ليتم المعنى.
(٣) أخرج البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم ٦٨٨، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم ٤١٢، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها -، أَنَّهَا قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا».
(٤) القَوَد: القصاص، وقتل القاتل بدل القتيل، وقد أقدته به أقيده إقادة، واستقدت الحاكم: سألته أن يقيدني، واقتدت منه أقتاد. النهاية في غريب الحديث والأثر، ٤/ ١١٩، مادة (قود).

<<  <   >  >>