وفي الحديث الآخر:«إِذَا بَلَغْت الحدود السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ»(١)،
فإذا رُفعت الحدود إلى ولي الأمر، إلى الأمير، إلى الملك، إلى المحكمة لا تجوز الشفاعة، بل يجب أن يُقام الحد، أما إذا تعارفوا بينهم، فلم يرفعها، مثلما سرق إنسان وعلم صاحبه واستسمحه وأعطاه السرقة، ولم يرفع بأمره، فلا حد عليه، إذا لم يُرفع للسلطان، إذا سامحه صاحب الحق وعفا عنه، فإنه يسقط الحد، لأنها ما رُفعت للسلطان، ولما سُرِق من صفوان بن أمية رداؤه وأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بقطعه، قال صفوان: قد عفوت،
(١) أخرجه مالك، ٥/ ١٢٢١ موقوفاً على الزبير بن العوام، وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير، ١/ ١١١، والأوسط، ٢/ ٣٨٠، برقم ٢٢٨٤، والدارقطني، ٣/ ٢٠٥، كتاب الحدود والديات، برقم ٣٦٤ مرفوعاً، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ٦/ ٢٨٠: «رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري ضعفه أبو حاتم وغيره ووثقه الحاكم وعبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف»، وقال ابن عبد البر في الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، ٢٤/ ١٧٦: «مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ لَقِيَ رَجُلًا قَدْ أَخَذَ سَارِقًا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَشَفَعَ لَهُ الزُّبَيْرُ لِيُرْسِلَهُ، فَقَالَ: لَا حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ السُّلْطَانَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: إِذَا بَلَغْتَ بِهِ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّع»، هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ، وَيَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ»، وقال ابن حجر في فتح الباري، ٨٥٢ (١٢/ ٨٧: «وأَخرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَن عُروة بن الزُّبَير قالَ: لَقِيَ الزُّبَير سارِقًا فَشَفَعَ فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ حَتَّى يَبلُغَ الإِمامَ، فَقالَ: إِذا بَلَغَ الإِمامَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشّافِعَ والمُشَفِّعَ»، وأَخرَجَ المُوطَّأ عَن رَبِيعَة عَن الزُّبَير نَحوه، وهُو مُنقَطِع مَعَ وقفِهِ، وهُو عِند ابن أَبِي شَيبَة بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَن الزُّبَيرِ مَوقُوفًا، وبِسَنَدٍ آخَرَ حَسَنٍ عَن عَلِيٍّ نَحوه كَذَلِكَ» ..