للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الغرة في الوجه, والتحجيل في اليدين والرجلين، أي لهم أنوار في وجوههم، وفي أيديهم، وأرجلهم من آثار الوضوء الذي فعلوه في الدنيا.

في الحديث الذي رواه مسلم: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ» (١)، يحلّون بحلية مما أعدّ اللَّه لهم من الجنة إلى نهاية الوضوء مواضع الوضوء، وفي رواية مسلم: أن أبا هريرة كان يبالغ في الوضوء من أجل هذا الحديث, فكان إذا غسل يديه بالغ حتى يكاد يصل المنكبين, وهكذا في الرجلين, يبالغ في غسل الساق, يرتفع في الوضوء. وهذا الذي فعله أبو هريرة اجتهاد منه, والصواب خلاف ذلك، الصواب أنه يكتفي بغسل المرفقين والكعبين, ولا حاجة إلى أن يزيد إلى المنكب أو إلى الركبة، لا، فالسنة الاكتفاء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يغسل الرجلين مع الكعبين واليدين مع المرافق، فلا يطول إلى المنكب أو إلى الركبة، لا، وأما قوله: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ» هذا فيه اختلاف بين أهل العلم: هل هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوع، أو من كلام أبي هريرة موقوف مدرج، وقد رجَّحَ جمعٌ من الأئمة في الحديث أنه مدرج, وأنه من كلام أبي هريرة استنباطاً من الأحاديث، فلا يستحب للمؤمن أن يزيد على الوضوء الشرعي, فيغسل ذراعيه مع المرفقين, ويغسل رجليه مع الكعبين, ويكفي ذلك، فلا يُشرع له الإطالة إلى


(١) رواه مسلم، برقم ٢٥٠، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ١٢.

<<  <   >  >>