وهذه الأحاديث منها حديث عبدالرحمن بن عوف والزبير في ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - لهما في لبس الحرير, هذا يدل على أنه إذا أصابت الإنسان حكة، أو مرض في الجلد ينفع منه الحرير، فلا بأس أن يلبسه المسلم لهذا العلاج؛ لأن تحريمه ليس تحريماً عاماً, وإنما هو تحريم خاص, للرجال خاصة, ومباح للنساء، فليس من جنس الميتة, وليس من جنس الخنزير, وإنما هو تحريم خاص كتحريم الذهب على الرجال دون النساء, فإذا كانت المصلحة تقتضي لبسه للرجل من أجل الدواء والعلاج فلا بأس، ولهذا رخص لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة من الغزوات في لبسه، لعلاج الحكة التي بهما بسبب القمل الذي أصابهم.
وفي الحديث الثاني: بيان أن ما أوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، هذا يكون فيه الغنيمة وفيه الخمس لبيت المال, وأما ما لم يوجف عليه المسلمون، بل تركه الكفار خوفاً من المسلمين، أو أجلاهم ولي الأمر لمضرتهم وشرهم، فإنه يكون لبيت المال؛ ولهذا قال جل وعلا:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ــ يعني الكفار ــ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(١)، وصار هذا المال وهو مال بني النضير للرسول خاصة، يعني لبيت المال، يأكل منه - صلى الله عليه وسلم -، ويعزل نفقة