وفي حديث ابن عمر الحديث الرابع: الدلالة على أن الطفل إذا كمل خمس عشرة سنة صلح للقتال، وصلح لغيره مما يعمله المكلفون، وببلوغ خمس عشرة سنة صار مكلفاً، وصار من جملة الرجال.
قال ابن عمر: عرضت على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد فلم يجزه في المقاتلة؛ لأنه دون خمسة عشر، وعُرض عليه يوم الخندق، وقد بلغ خمسة عشر فأجازه, وفي اللفظ الآخر:«فأجازني، ورآني قد بلغت»(١) , فدل ذلك على أن من كان دون خمسة عشر لا يُجاز في القتال فهو طفل؛ لأنه قد يُخدَع، وقد لا يُتقن الرماية كما ينبغي, ولم يبلغ حد التكليف في الغالب, خمسة عشر ما بعد بلغ، لا بالإنبات ولا بالاحتلام, فالحاصل أنه إذا بلغ خمس عشرة سنة صار من المكلفين، وهذا حد واضح في السن, وقد يبلغ بغير السن: كالإنزال والاحتلام وغيره من أسباب الشهوة, وقد يبلغ بالإنبات: إنبات الشعر الخشن حول الفرج وهي الشعرة, هذه الأمور الثلاثة هي الدلائل على بلوغ الحلم، وهي الإنبات، والإنزال بشهوة، وإكمال خمس عشرة سنة.
وهكذا المرأة مثله إذا أنبتت، أو بلغت خمس عشرة سنة، أو أنزلت باحتلام أو غيره بلغت، وتزيد المرأة أمراً رابعاً، وهو
(١) أخرج ابن حبان، ١١/ ٣٠، برقم ٤٧٢٨، والدارقطني، ٤/ ١١٥، كتاب السير، برقم ٤٠، ولفظه: «عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِ بَلَغْتُ، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَنِي»، وصححه محقق ابن حبان، وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ٥/ ٨، برقم ١١٨٦.