غَرِّبُوا» (١). هذا بالنسبة للمدينة, ومن كان على سمتها يشرِّق أو يغرِّب، وهكذا في الجنوب, أما إن كان في الشرق أو الغرب, فإنه يجنب أو يشمل حتى لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها عند قضاء الحاجة.
قال أبو أيوب - رضي الله عنه -: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة, فننحرف عنها ونستغفر اللَّه - عز وجل -. أبو أيوب حمل الحديث على العموم, وأنه عام للمباني والصحراء: أنه يشرع للمؤمن في قضاء حاجته سواءً في المباني أو في الصحراء: أن ينحرف عن القبلة ويجعلها عن يمينه أو شماله عند قضاء الحاجة؛ لعموم الحديث الذي رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستقبلوها لا بغائط ولا بول» , وأنه حديث عام، فالأولى والأفضل للمؤمن حتى في بيته أن يجعل محل قضاء الحاجة إلى غير القبلة, حتى إذا جلس يقضي حاجته, فإذا القبلة عن يمينه أو شماله, هذا هو المشروع وهذا الذي ينبغي، لكن في البناء يُتساهل في ذلك ليس بلازم في البناء, إنما هذا في الصحراء عن جمع من أهل العلم؛ لحديث عبداللَّه بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أنه قال:«رقيت يوماً» رقيت: صعدت. يوماً على بيت حفصة: يعني بهذا أخته حفصة - رضي الله عنها -: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة»، هذا يدل على أن الاستدبار والاستقبال في المبنى، أو في محل مستور، ليس بلازم، وإنما ذلك
(١) رواه البخاري، برقم ٣٩٤، ومسلم، برقم ٢٦٤، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ١٤.