في الحديث الصحيح يقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»(١)، والنميمة من الكبائر؛ ولهذا استحق العقاب من تعاطاها في قبره مقدماً على عقاب النار، نعوذ باللَّه. والتنزه من البول أمرٌ واجب, والتلطخ به أمرٌ محرم. ولهذا استحق من تلطخ بالبول ولم يتنزه منه استحق العذاب في القبر مقدماً, نسأل اللَّه السلامة.
وفيه: أنه أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، وغرس على كل قبرٍ واحدة قال:«لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا». هذا خاصٌّ بالقبرين, ولا يُشرع أن يفعل مع القبور؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ما فعلها إلا مع القبرين الذين أطلعه اللَّه على عذابهما, لم يفعل هذا مع القبور الأخرى. دل ذلك على أنه لا يشرع أن تغرز الجرائد أو الأغصان أو الشجر أو غيرها على القبور لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ما فعل هذا, إنما هذا بشأن هذين القبرين اللذين أطلعه اللَّه على عذابهما، فلا يشرع غرس الجرائد على القبور لعدم الدليل؛ لأن الرسول ما فعله مع قبور أهل البقيع ولا مع غيرهم, وإنما فعله مع القبرين. نعم لو اطلع الإنسان على عذاب صاحب القبر وغرز عليه هذا يمكن له أن يفعل كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكن اللَّه جل وعلا أخفى عنا عذاب القبور رحمة من اللَّه لنا، ولم يطلعنا على ذلك رحمة منه
(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب ما يكره من النميمة، برقم ٦٠٥٦، بلفظ: «قتات»، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة، برقم ١٠٥.