وأنا لم أره ولا أعرف وجهه). فخطب مرة ثالثة وقال لهم:"لا نريد مشاكل، والشرط في الحقل ولا الخصومة في البيدر (١). أنا موظف صغير مرتبي مئتا ليرة سورية فقط، وشكلي كما ترون". قالوا:"قبلنا بشكلك وراتبك، ونحن نرحب بك، ولكنا لا نكتم عنك أن أخت البنت تزوجت بأربعة آلاف، ونحن لا نستطيع أن ننقص مهرها عن مهر أختها". فلما سمع بالأربعة الآلاف قال:"السلام عليكم". وخطب الرابعة، وقال لهم:"إن مرتبي كذا، وشكلي كذا، وأنا لا أدفع أكثر من ألف ليرة مهراً". قالوا:"أهلاً وسهلاً، قبلنا". وبعد مفاوضات ومحادثات لا آخر لها قالوا:"لا بد من أن تترك أهلك وتستأجر داراً وتفرش غرفة نوم". فحسب ذلك فوجده أثقل من ذلك المهر فولّى هارباً. وخطب الخامسة، ووضح كلّ شيء وقبلوا بكل شيء، وقُرئت الفاتحة، واجتمع بالمخطوبة، وأعد المال، وعُملت معاملة الزواج، ولكنهم رفضوا في اللحظة الأخيرة إذ تبين أن أم الشاب من النوع «البلدي»، لا تعرف شرائط الحفلات ولا قواعد الزيارات، وأنها شوهدت متلبسة بجريمة فظيعة، إذ استعملت في وليمة الخطبة شوكة اللحم في أكل البطيخ، وشربت الشوربة بصوت مسموع، وقشرت التفاحة وهي تمسكها بيدها!
ونسي صاحب الكتاب ذنباً آخر لهذه الأم «البلدية»، هي أنها كلما أكلت حركت ذقنها!
لذلك ترك التفكير بالزواج وكره النساء، حتى صار سوداوياً