للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[أحسن كما أحسن الله إليك]

أذيعت سنة ١٩٥٦

نظرت البارحة فإذا الغرفة دافئة والنار موقدة، وأنا على أريكة مريحة، أفكر في موضوع أكتب فيه، والمصباح إلى جانبي، والهاتف قريب مني، والأولاد يكتبون، وأمهم تعالج صوفاً تحيكه، وقد أكلنا وشربنا، والرادّ (الراديو) يهمس بصوت خافت، وكل شيء هادئ، وليس ما أشكو منه أو أطلب زيادة عليه.

فقلت: «الحمد لله»، أخرجتها من قرارة قلبي. ثم فكرت فرأيت أن «الحمد» ليس كلمة تقال باللسان ولو رددها اللسان ألف مرة، ولكن الحمد على النعم أن تُفيض منها على المحتاج إليها. حمد الغني أن يعطي الفقراء، وحمد القوي أن يُسعد الضعفاء، وحمد الصحيح أن يعاون المرضى، وحمد الحاكم أن يعدل في المحكومين، فهل أكون حامداً الله على هذه النعم إذا كنت أنا وأولادي في شبع ودفء وجاري وأولاده في الجوع والبرد؟ وإذا كان جاري لم يسألني أفلا يجب عليّ أنا أن أسأل عنه؟

وسألتني زوجتي: فيمَ تفكر؟ فأخبرتها.

قالت: صحيح، ولكن لا يكفي العبادَ إلا من خلقهم،

<<  <   >  >>