ذهبت أمس إلى المدرسة الأمينية (١)، وهي المدرسة الإسلامية التي انحَطَمَتْ على جدرانها ثمانية قرون وهي قائمة، وماتت من حولها ثمانمئة سنة وهي حية، ونشأت دول وانقرضت وبدئت تواريخ وختمت وتبدلت الأرض وتغيرت، وهي ماضية في سبيلها، عاكفة على عملها، قد انقطعت عن الأرض من حولها واتصلت بالسماء من فوقها، فعاشت في سماء العلم والناسُ يعيشون في أرض المادة.
(١) الأمينية: قبلي باب الزيادة المعروف بباب القوافين من أبواب الجامع الأموي، وهي شرقي المجاهدية جوار قيسارية القواسين بظهر سوق السلاح، وكان به بابها (وبابها اليوم من سوق الحرير) وتعرف هذه المحلة قديماً بحارة العقاب، وهناك دار مسلمة بن عبد الملك، قيل إنها أول مدرسة بنيت بدمشق للشافعية، بناها أتابك العساكر الملقب بأمين الدولة ربيع الإسلام أمين الدين كستكين السفتكي سنة ٥١٤. قلت: وجاء ذكرها في ترجمة الغزالي في طبقات السبكي لما زار دمشق، ودرس بها ابن خلكان وغيره، وكان لها شأن بين مدارس دمشق كبير. جدد عمارتها واستخلص بعض ما سرقه منها الجيران وجعلها مدرسة ابتدائية مدة أربعين سنة الشيخُ شريف الخطيب. وقد توفي رحمه الله سنة ١٩٥٩.