للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حديث عن دمشق]

نشرت سنة ١٩٤٧

(وقد أمضيت تلك السنة في مصر).

دخلت مخزناً (في القاهرة) أشتري منه شيئاً، فسمع لهجتي الشاميةَ شيخٌ هِمٌّ (١) كان هناك، أبيض الشعر كأن رأسه ولحيته الثَّغَامَة (٢)، فالتفت إليّ وقال: أنت من دمشق؟

قلت: نعم.

فسطع على وجهه نور وبرق في عينيه بريق، وبدت على جبينه ظلال ذكريات حلوة مرّتْ في رأسه، وأخذ بيدي هاشّاً لي باشّاً بوجهي، فأقعدني معه وقال لي:

أهلاً بك، أهلاً وسهلاً، تَشرّفنا يا ولدي، فتعال. تعال حدثني عن دمشق، فقد طال عنها ابتعادي وزاد إليها اشتياقي. حدّثني عن سهلها وجبلها، عن غوطتها وربوتها، عن «الميزان» (٣). ألا يزال


(١) الهِمُّ (بكسر الهاء) هو الشيخ الكبير الفاني (مجاهد).
(٢) وهي شجرة بيضاء الثمر والزّهر تنبت في أعالي الجبال، وإذا يبست اشتدّ بياضها (مجاهد).
(٣) كان «الميزان» متنزَّه أهل دمشق، وهو حيث يقوم اليومَ مستشفى المواساة. تجدون وصفاً له في «الذكريات»: ٢/ ٧٠، ٢٤٨ (مجاهد).

<<  <   >  >>