كنت أدقق أمس دعوى وصية، فرجعت بي الذاكرة إلى حادثتين رأيتهما في يوم واحد في المحكمة الشرعية في دمشق لمّا كنت فيها من أكثر من خمس عشرة سنة.
الأول طلب تسجيل وصية، قُدِّم باسم امرأة من الموسرات لا تستطيع لكبرها وعجزها أن تجيء إلى المحكمة، فأرسلت الكاتب ليستمع منها ويسجل لها، فعاد يقول إنها تريد أن توصي بثلث مالها، وهذا الثلث يزيد على خمسين ألف ليرة، وقد جعلت مبلغاً ضخماً منه للجنازة والعصرية والصباحية والمواسم، وذلك كله مما لا أصل له في الشرع، فنصحها أن تجعل هذا المبلغ في جهات الخير التي ترضي الله وتنفع الناس فأبت، وهو يسألني رأيي.
ولم أكن أذهب قط إلى دار إنسان (وإن كان القانون يجيز ذلك أحياناً)، ولكني لمّا سمعت منه خبر الوصية وضخامة المبلغ رجوتُ أن يوفّقني الله فيحقق على يدي خيراً. فذهبت إليها، فإذا عجوز حمقاء لا تفهم بلسان المنطق ولا تستجيب لصوت الدين، وإذا كل همها أن تصنع شيئاً تكسب به رضا الناس وتنال