قرأ الناس مقالتي في العدد الثالث من «المسلمون» فكتبوا إليّ يقولون: هذا هو الداء عرفناه، فما الدواء؟
والدواء قريبٌ منا، سهلٌ علينا، ولكن الناس يدَعونه ويذهبون في طلبه أبعد المذاهب؛ فمن ماضٍ إلى أقصى اليسار يرى الإصلاح، كل الإصلاح، في فتح بيوت للبغاء العلني، يحتج لذلك بأن «الكبت» هو الذي يدفع إلى هذه المنكرات التي نراها، وأن البغاء شيء لا يخلو منه زمان ولا مكان، فلأن يكون منظماً وأن يكون بنظر من الحاكمين خير من أن يكون فوضى وأن يكون مستتراً، ولأن فتح هذه البيوت ينقّي البلد وينظفها، كمن يعمد إلى علبة فيجعلها لأقذار داره ولَقَى أهله، كيلا تنتشر هذه الأقذار في الدار وتدخل كل بيت فيها.
ومن ذاهب إلى أقصى اليمين لا يرضيه إلاّ أن تعود الفتاة اليوم إلى مثل ما كانت تخرج به جدتها من نصف قرن، إلى الملاءة المزمومة أو الإزار الأبيض، ولا يحسب للواقع ولا للزمان حساباً، ويرى الطفرة في الإصلاح، مع أن الطفرة مستحيلة،