أما الإجابة على السؤال الآخر، فإن كان يكفي فيه أن ينطق المسؤول بأول عدد يخطر على باله، لا يُطالَب بدليل ولا بتعليل، قال قائل:«ثلاثين» وآخر: «أربعين». وإن كان يجب في الجواب أن يكون موافقاً لفطرةِ الله التي فطر عليها النفوس وطبيعةِ الكون التي طبع عليها الأشياء، فلا بدّ لي -قبل الإجابة- من تقديم هذه المقدمة.
قد قلت لكم إن الله وضع في نفس الإنسان غريزتين: غريزة حفظ الذات التي تدفع إلى الأكل، وغريزة حفظ النوع التي يكون بها النسل، وما يصحّ في إحداها يصحّ في الأخرى. فخبّروني متى
(١) هذه المقالة تتمة للتي سبقتها (الحب والزواج)، فينبغي أن تجيء بعدها في ترتيب الكتاب. وكذا كان الأمر في طبعات الكتاب الأولى، لكن تغييراً وقع في ترتيب المقالات في الطبعات اللاحقة (أحسب أن الذي صنعه هو جدي رحمه الله) فجاءت المقالة الأولى في أوله (التاسعة بين مقالاته) وأُقصيت تتمتها هذه إلى آخره، فصارت الرابعة والثلاثين، وصار بينهما أربع وعشرون مقالة! فاجتهدت أنا هنا فأعدت ترتيب المقالات بحيث يتصل جزء الحديث الأول بجزئه التالي (مجاهد).