من عادتي أني لا أركب إن استطعت المشي، ولا أمشي في الظل إن قدرت أن أمشي في الشمس، سواء علي في ذلك شمس لبنان في تشرين وشمس الهند في تموز. وكان النهار أمس صائفاً حاراً، فحللت هذا الرباط عن عنقي وطويته ووضعته في جيبي (١) فمرّ بي صديق أحبه وأحترمه، ولكني أنكر عليه أنه يتمسك بالعادات أكثر من تمسك العابد بالدين، ويحرص على رضا الناس أشد من حرص الزاهد على رضا الله. فلم يكد يفرغ من السلام حتى أقبل عليّ صارم الوجه بادي الاهتمام فقال: وكيف تصنع هذا؟
فارتعبت وقلت: وماذا صنعت؟
وجعلت أذكر: هل أحدثت في الإسلام حدثاً؟ أو آويت محدثاً أو جنيت جناية؟ فلما لم أذكر قلت: وضّح يا أخي وقل لي ما الذي بلغك عني، فلعل الذي بلّغك فاسق أو كاذب.
(١) الجيب في اللغة فتحة القميص، ولكني استعملتها بالمعنى المشهور الذي يفهمه القراء.