للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ما بلّغني أحد ولكني أرى بعيني.

وأشار إليّ. قلت: وما ذاك؟

قال: العقدة (الكرافات). كيف تمشي بلا عقدة؟ هذا لا يليق بمستشار (١). ماذا يقول عنك الناس؟

فتركت الحوار وقعدت أفكر ... فإذا نحن نعمل كل شيء للناس.

نخنق أنفسنا بهذه العقد التي نضعها في أعناقنا كالأرسان ونتكلف منها في حر الصيف ما لا يُطاق من أجل الناس!

والنساء يتخذن هذه الأحذية الفظيعة ذوات الكعوب العالية مع أن المشي بها أصعب من المشي على الحبل. ومَن لم يصدّق من الرجال فليمشِ مئة خطوة على رؤوس أصابع قدميه! وهي -فوق ذلك- تُصلّب عضلات الساق وتشوّه جمالها، وما للبسها معنى وليس فيها جمال، ولكن هكذا يريد الناس!

ورأيت مرة امرأة واقفة في الترام والمقاعد خالية، وكلما دعوها لتجلس أبت، ثم تبين لي أنها تلبس إزاراً (خرّاطة أو جونيلا) ضيقاً عجيباً لا تستطيع معه المشي إلا كمشي المقيّد بالحديد، ولا تستطيع صعود درجة الترام إلا بكشف رجليها وإخراجهما منها، فلذلك لا تستطيع القعود. تتساءلون: لماذا تعذّب نفسها هذا العذاب؟ من أجل الناس!


(١) وكنت -يومئذ- مستشاراً في محكمة النقض.

<<  <   >  >>