يا أيها الناس: لقد جلت جيوش العدو عن أرضكم فأَجْلوا عن بيوتكم عاداتهم، وعن رؤوسكم شُبُهاتهم، وعن مدارسكم مناهجَهم، وعن شوارعكم حاناتهم ومراقصهم، وعن محاكمكم قوانينَهم، وعن أجسام بناتكم وأولادكم ثيابَهم الكاشفة الفاضحة وأزياءهم.
وذلك هو الجلاء الحق، وذلك هو العيد الأكبر.
* * *
هذا ما قاله لصديقي الزعيمُ إبراهيم بك هنانو عضوُ مجلس النواب السوري، أنقله بنصّه، والعهدة على هذا الصديق (١).
* * *
(١) صاغ جدي -رحمه الله- هذا المقال وكأنه حديث منقول عن إبراهيم هنانو. وهذا الرجل لا يبدو معروفاً لأكثر الناس رغم أنه واحد من كبار المجاهدين في التاريخ السوري الحديث؛ قاتل الفرنسيين بعد هزيمة الجيش السوري في ميسلون وجمع حوله الجموع، وألّف حكومة وطنية في شمال سوريا استمرت عشرين شهراً خاض فيها سبعاً وعشرين معركة مع الفرنسيين ظفر فيها جميعاً، واتسع نفوذه ولُقِّب باسم «المتوكل على الله»، ثم اعتقله الإنكليز في فلسطين وسلموه إلى الفرنسيين الذين حاكموه محاكمة شغلت سوريا شهوراً وانتهت باعتبار ثورته «سياسية مشروعة»، وأطلق سراحه فانصرف إلى العمل السياسي، واجتمعت عليه سوريا كلها إلى أن توفي في حلب بداء السل سنة ١٩٣٥ (قبل الجلاء بإحدى عشرة سنة) (مجاهد).