فيخجله في الملأ. وإذا شاهده قد عطس ولم يحمد الله فلا ينبغي أن يقرّعه أو يأمره بالحمد أمراً ينفّره. ولا أريد أن يكون العالم متساهلاً ولا أن يبالغ في الرِّقّة حتى يتخرّق ويتمزق، بل أريد أن يكون الشرع هو الميزان، فما كان له في الشرع رخصة رخصنا فيه، وما كان له حكمان ألزمنا المبتدئ بأخفهما عليه، رفقاً به وإبقاء عليه، وما كان منكَراً ظاهراً لا ترخيص فيه ولا اجتهاد، أنكرناه ولو قالوا عنّا ما قالوا.
إنني أكتب لنفي صناعة المشيخة وإفهام الناس أن المسألة ليست بالعمامة والجبة ولكن بالعلم والتقى، وأن علينا -إذا أمرنا بمعروف- أن نجعل أمرنا بالمعروف وأن نستن بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة. وأعوذ بالله أن أقول لأحد:"اكتم الحق ليقول الناس إنك لطيف"، أو "أقْرِر الباطل الذي تراه ليقولوا إنك مهذب"، أو "ساير الناس في طريق الإثم ليقولوا إنك اجتماعي" ...
لا، بل الشرعَ الشرعَ؛ ما حرّمه حرّمناه، وما أحلّه أحللناه، وما أمر به فعلناه، وما نهى عنه تركناه. وما أنكرنا هذه الصناعة التي استحدثها الناس وسمّوها «المشيخة» إلاّ لأن الشرع ينكرها والصدر الأول لم يعرفها، وأنها صارت سبباً للتنفير من الدين وباباً قد دخل منه كثير من الأدعياء والمرائين.
وما أردت بما قلت إلا مصلحة الإسلام، فإن كنت قد أخطأت في شيء فأسألُ بالله من عرف الخطأ أن يردّه عليّ على صفحات «المسلمون»، وأنا أسامحه من الآن مهما اشتد في المقال.