الأصل المعلم لا المنهج ولا الكتاب ولا الامتحان (١).
وإذا نحن حاربنا الدعارة ومنعنا المغريات وسهّلنا الزواج ولم نجد في النفوس خلقاً وديناً لم يفدنا ذلك كله. ونحن نرى في المتزوجين وممن لهم الأبناء والبنات مَن هم مِن الفسّاق، لم يمنعهم الزواج حين لم يمنعهم الخلق ولا الدين.
* * *
خوف الله هو الأصل فإن ذهب لم تسدّ مكانه الأخلاق ولا القوانين، لأن القانون يبقى ما بقي الشرطي، فإذا أمنت أن يراك الشرطي لم تبال بالقانون. والأخلاق تبقى ما بقي الناس، فإن لم يرك الناس لم تبال بالأخلاق.
هذه هي الحقيقة، فلماذا نكتمها ونفرُّ من الاعتراف بها؟
إن النفوس فُطرت على العمل ابتغاء المنفعة، فمن من الناس يكون جائعاً وليس معه إلا قرش واحد فيضعه في صندوق الصدقات حيث لا يراه أحد ولا يطّلع عليه مخلوق ويبقى بلا طعام؟
(١) والواقع أنه ليس عندنا شيء اسمه علم الدين، بل علم التوحيد وعلم الحديث وعلم التفسير وعلم التجويد وعلم الفقه ... فيجب أن يكون لكل علم الساعات الكافية لتدريس مواده. إنها علوم مختلفة وإن جمعها اسم الدين، كما يجمع الحسابَ والجبرَ والهندسة والمثلثات اسمُ الرياضيات، والكيمياءَ والفيزياء والطبيعي اسمُ الطبيعيات، والنحوَ والصرف والبلاغة اسمُ العربية.