للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يمكن أن يكون في الدنيا زوج وزوجة يعيشان هذه الحياة الخيالية العاطفية التي لا تكون إلاّ في القصص. وكل زوجين يختلفان أحياناً، ولا يخلو بيت العالِم من هذا الاختلاف، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَخْلُ بيته - وهو أشرف بيت أقيم على ظهر الأرض- مما يكون بين النساء، وهذا هو القرآن فاقرؤوا «سورة التحريم». والصحابة كانوا يختلفون هم ونساؤهم، ولقد جاء رجل يشكو زوجته إلى عمر، فلما قرع الباب سمع زوجة عمر ترفع صوتها عليه وهو ساكت، وهو عمر العظيم الذي كانت تخافه صناديد الرجال، فولى الرجل منصرفاً، فخرج عمر يناديه، فرجع. قال له عمر: ما لك؟ قال: يا أمير المؤمنين، جئت أشكو إليك سوء خلق زوجتي وأنها تتجرّأ عليّ، فوجدتك مثلي. فضحك عمر وقال: أَحتمِلُها لحقوق لها عليّ.

والله عز وجل لم يخلق اثنين على صورة واحدة، حتى التوأمين إذا وقفا معاً وجدت بينهما فروقاً دقيقة، ولم يخلق كذلك اثنين بطباع واحدة. وإذا أراد الزوجان والشريكان والرفيقان ألاّ يختلفا فلا بدّ لأحدهما أن يساير الآخر، وأن يخالف رأي نفسه ليتبع رأيه. وإذا وقف كلٌّ عند رأيه لا يمكن أن يتفقا، وإذا كنتَ أنت على الرصيف الأيمن من الشارع ورفيقُك على الرصيف الأيسر وأردت أن تصافحه لم تستطع، ولا بدّ أن يمشي أحدكما إلى الآخر أو تمشيا معاً حتى تلتقيا في منتصف الطريق (١).

وكل شركة لا بدّ لها من رئيس، والرجل هو -بلا شك-


(١) الخالي من السيارات!

<<  <   >  >>