للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسقطوا في الفحص، فلم يرَ سبيلاً إلى ستر تقصيرهم وإخفاء عجزهم إلاّ بأن ينسب إليّ الخطأ. وأغرب من هذا أن كثيراً من أصدقائي قد سألوني أن أضمن لهم نجاح طائفة من الطلاب، ولم يروا في هذا بأساً، وغضبوا حين لم ينجح هؤلاء الطلاب ... مع أنني أحقّ بالغضب منهم وأولى أن أثور لكرامتي التي يعبثون بها بهذا الطلب الذي لا يختلف في شيء عن قولهم لي لو قالوا: أنت رجل خائن قد تعوّدت الخيانة، فنرجو أن تخون أمانتك هذه المرة أيضاً من أجل خاطرنا!

على أن الذي جرأ الناس على هذه الطلبات وعوّدهم عليها هو إصغاء بعض المعلمين ومن بيدهم أمر الفحص إليها، واستجابتهم لها. ولو رفضوها واستنكروها وغضبوا منها لتراجَع الناس وفهموا أن المعلم ليس لصاً ولا خائناً، ولا يختصّ زيداً بالخير ولا عَمْراً بالشر، ولو اضطرته إلى ذلك الصداقة المتينة أو العداء الأكيد.

والخلاصة أني أحمد الله على نجاتي من هذا العناء وعلى عودتي إلى نفسي وهدوئي ومطالعاتي، وأرجو أن تكون هذه آخرَ مرة أُدعى فيها إلى مثل هذا العناء. وأحسب أنهم لن يدْعوني كرّة أخرى، وأحسبني قد أتعبتهم كما أتعبوني.

* * *

وبعد، فإني أحمد الله على انتهاء هذه المفازة الامتحانية، وأُهنّئ من فاز من الطلاّب، وأرجو لمن سقط نجاحاً قريباً، وليغفر الله لمن ملأ رؤوسنا خيلاً وحميراً.

* * *

<<  <   >  >>