المهر الذي يدفعه لنقول للناس:"مهر بنتنا عشرة آلاف"، وعن الجهاز ليراه الناس فيقولوا:"ما شاء الله، والله جهاز عظيم"، وعن حفلة العرس، نتسابق لإرضاء الشيطان بإضاعة الأموال في هذا وأمثاله. ثوب العرس الذي لا يُلبَس إلا ليلة واحدة فقط يكلف مئتَي ليرة على الأقل، وقد يصل إلى ألفين. وعلب الملبَّس ثمن الواحدة ليرة على الأقل، وقد تصل إلى العشرين. وفيم كل ذلك؟ لفائدة العروس؟ لا والله. للثواب والجنة؟ لا والله. لكسب المال؟ لا والله. فلِمَ إذن؟ للناس! والناس -بعد ذلك- لا يرضون؛ لأنك مهما أنفقت فإن في الناس من ينفق أكثر منك، فيقولون:"ما هذه الحفلة؟ وما هذه العلب؟ علب فلان كان ثمنها أكثر وحفلة فلانة كانت أكبر".
والمآتم مثل الأفراح؛ كلها تسابقٌ إلى إضاعة المال.
ويا ليت الأمر يقتصر على أصحاب العرس أو عائلة الميت. لا؛ ولكن كل زواج وكل وفاة فيها نكبة ثلاثين أسرة.
يكون الزوج المسكين قد أعد مشروع موازنة الشهر، وسهر الليالي وضرب الأخماس بالأسداس حتى استطاع أن يسدد حاجة الأسرة براتبه الذي لا يتجاوز ثلاثمئة ليرة في الشهر؛ يشد لحافه ليغطي كتفيه فيكشف عن رجليه، فإذا ستر رجليه انحسر عن كتفيه! وبينما هو في ذلك إذ خطر على بال عمة امرأة خال زوجته أن تموت فجأة (١)، فتجيء الزوجة تطلب حالاً وبلا تأخر وبالسرعة الكلية (على لغة المبايعات الرسمية) أربعين ليرة ثمن