الدين أيوب وبذل له فيه مائة ألف دينار وبعث عمه الصالح إسماعيل صاحب دمشق إلى الناصر أيضًا يطلب نجم الدين أيوب، وبلغ فيه مبلغًا كبيرًا فأبى الناصر أن يرسله إلى الصالح إسماعيل صاحب دمشق ولم يقبل شيئًا مما بذل له فيه، واتفق مع نجم الدين أيوب وقصد به مصر ليملكه إياها ويشاركه في المملكة فحاصرت الأمراء الكاملية على العادل بن الكامل صاحب مصر وكاتبوا أخاه نجم الدين الصالح أيوب وحثوه على سرعة الحضور فوصل وقبض على أخيه العادل.
واستولى على الديار المصرية بغير كلفة ولا مشقة ولا تعب وذلك في ذي القعدة وأعرض عن الناصر داود ولم يعبأ به ولم يلتفت إليه فرجع خائبًا إلى الكرك، ولما وصل الناصر داود إلى الكرك همته نفسه إلى استنقاذ بيت المقدس من أيدي الفرنج وتطهيره من أرجاسهم وأدناسهم، وأظهر ما كان كامنًا في نفسه من ناحية الكامل بسبب استغاثته عليه واستنجاده في أمره بالفرنج وإعطائهم بيت المقدس هذا ما كان من أمر الناصر داود صاحب الكرك.
وأما ما كان من أمر الفرنج فإنه لما أعطاهم الكامل بيت المقدس وسمح لهم تراجعوا إليه ودخلوه وقاموا به وفيه المسلمون وكل طائفة منهما فيما هم فيه هؤلاء في عبادتهم وصلواتهم وأذكارهم وهؤلاء في كفرهم وشركهم والدار جامعة لهم واحدة، فالمسلمون من أجل ذلك في غاية الحصرة والضر والضنك والتشوش واتفق أن ملك الفرنج حين أعطاه الكامل بيت المقدس وتوجه إليه ليدخله "عارضه في الطريق شخص قيل إنه من نابلس وكان قاضيا بها وبالشام وتقرب إلى ملك الفرنج وتوصل إليه بما أوجب إقباله عليه ولم يزل في صحبته إلى أن دخل معه القدس، فأخذ ذلك القاضي