الإطعام يطعم الناس، ويضيفهم فبينما هو يطعم الناس، إذ هو بشيخ كبير يمشي في الحرم فبعث إليه بحماره وأركبه حتى إذا أتاه أطعمه، فجعل الشيخ يأخذ اللقمة ليدخلها فاه، فيدخلها في عينه وأذنه ثم يدخلها فاه، فإذا دخلت جوفه خرجت من دبره وكان إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- قد سأل اللَّه أن لا يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأل الموت، فقال للشيخ: حين رأى حاله، يا شيخ ما بالك تصنع هذا؟ فقال يا إبراهيم الكبر، قال ابن كم أنت؟ فذكر له من العمر ما زاد على عمر إبراهيم بسنتين، فقال إبراهيم -عليه السلام- بينى وبينك سنتان، فإذا بلغت ذلك صرت مثلك؟ قال نعم. فقال إبراهيم: اللهم اقبضنى إليك قبل ذلك فقام الشيخ وقبض روحه، فكان ملك الموت صلوات اللَّه عليه وسلامه.
وقال الحافظ ابن عساكر: حدثنا عبد اللَّه بن رباح، عن كعب، قال: كان إبراهيم عليه السلام يقري الضيف، ويرحم المساكين، وابن السبيل، قال: فأبطأت عليه الأضياف حتى استراب فخرج إلى الطريق يطلب ضيفًا فمر به ملك الموت في صورة
رجل فسلم على إبراهيم، فرد إبراهيم عليه السلام، ثم سأله، من أنت؟ قال ابن السبيل.
قال: إنما قعدت هنا لمثلك انطلق فانطلق به لمنزله فرآه إسحاق فعرفه، وبكى إسحاق، فلما رأت سارة إسحاق يبكى بكت لبكائه، قال: ثم صعد ملك الموت فلما أفاقوا غضب إبراهيم عليه السلام، وقال: بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب، فقال: إسحاق: لا تلومني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك ولا أرى أجلك يا أبت إلا وقد حضر فارث في أهلك قال فأمره بالوصية وكان لإبراهيم عليه السلام بيت يتعبد فيه لا يدخله غيره فإذا خرج أغلقه فجاء إبراهيم يفتح بيته الذي يتعبد فإذا هو برجل جالس فقال له: من أنت؟ ومن أدخلك؟ قال: بإذن رب البيت، فدخل فقال إبراهيم: رب البيت أحق به ثم تنحى إبراهيم إلى ناحية البيت يصلي كما كان يصنع، وصعد ملك الموت فقيل له: ما رأيت؟ قال: يا رب جئت من عبد لك ليس في الأرض خير منه ما ترك خلقًا من خلقك، إلا وقد دعا له في دينه، أو معيشته، ثم مكث إبراهيم بعد ذلك ما شاء اللَّه تعالى، ثم فتح باب بيته الذي يتعبد