قال المفسرون: هو أنهم كانوا يجلسون في مجالسهم بالطريق فيحذفون من مر بهم بالحجر والمدر، ويتضارطون في مجالسهم، وينكح بعضهم بعضا في مجالسهم، وروى أبو صاع عن أم هانئ قالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذه الآية فقال: كانوا يجلسون في الطريق فيحذفون من مر بهم ويسخرون منهم فهو المنكر الذي كانوا يأتون به، وكان لوط ينهاهم عن ذلك ويدعوهم إلى عبادة اللَّه تعالى ويتوعدهم على إصرارهم على ما كانوا عليه وتركهم التوبة من العذاب الأليم، فلا يزيدهم زجره ووعظه إلا تماديًا وعتوًا واستكبروا استكبارًا واستعجالًا لعذاب اللَّه وإنكارًا وتكذيبًا ويقولون إتنا بعذاب اللَّه إن كنت من الصادقين حتى سأل لوط ربه تعالى أن ينصره عليهم فقال: رب انصرني على القوم المفسدين، فأجاب اللَّه سبحانه وتعالى دعاءه وبعث جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام لإهلاكهم وبشارة إبراهيم عليه السلام فأقبلوا مشاة في صورة رجل أمرد حسان حتى نزلوا على إبراهيم وبشروه بإسحاق ويعقوب ولما فرغوا من ذلك أخبروا إبراهيم أن اللَّه أرسلهم لإهلاك قوم لوط، فناظرهم إبراهيم،
وجادلهم في ذلك، كما أخبر اللَّه عز وجل بقوله:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}[هود: ٧٤] وكان جداله إياهم على ما ذكر ابن عباس: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت: ٣١] فقال لهم إبراهيم: أتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن؟، قالوا: لا قال: أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا؟ قالوا: لا قال: أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا؟ قالوا: لا. قال: فكان إبراهيم بعدهم أربعة عشر مؤمنًا بامرأه لوط مسكت عنهم واطمأنت نفسه وروى سعيد بن جبير عن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: