لما علم إبراهيم عليه السلام حال قوم لوط قال للرسل: إن فيها لوطا إشفاقا منه عليه السلام فقالوا له: الرسل نحن أعلم بمن فيها لننجيه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}[هود: ٧٥]، قال البغوي: قال ابن جريج: وكان في قرى لوط أربعة آلاف فقالت الرسل عند ذلك لإبراهيم أعرض عن هذا المقال ودع عنك الجدال {إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}[هود: ٧٦] أي عذاب ربك {وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ}[هود: ٧٦] أي نازل بهم عذاب غير مردود، وغير مصروف عنهم، ولما جاءت رسلنا يعني هؤلاء الملائكة لوطا على صورة غلمان مرد حسان الوجوه سيء بهم أي حزن لوط لمجيئهم وضاق بهم ذرعا وذلك أن لوطا لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب رائحتهم أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشة وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم، فقال:{هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}[هود: ٧٧] أي شديد وكأنه عصيب به الشر والبلاء، قال: وقال قتادة: والسدي خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو القرى التي للوط فأتوها نصف النهار وهو في أرض لم يعمل فيها، وقيل: إنه كان يحتطب وقد قال اللَّه تعالى لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات فاستطاقوا لوطا فانطلق بهم، فلما مشى ساعة قال: ما بلغكم أمر هذه القرية قالوا: وما أمرهم قال أشهد باللَّه أنها لشر قرية في الأرض عمل ذلك أربع مرات وجبريل عليه السلام يقول للملائكة أشهدوا حتى أتى قومه وقد شهد عليهم أربع شهادات وروى أنّ الملائكة جاءوا إلى بيت لوط فوجدوه في دار ولم يعلم بذلك