للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعلم أن أولئك العشرة هم أفضل بني البشر بعد الأنبياء مباشرة! هل علمت الآن ما صنعه دعاء زيدٍ الأب لسعيدٍ الابن؟

ولكن سعيدًا لم يكتفِ بكونه ابن عملاق التوحيد في الجاهلية زيد بن عمرو ابن نفيل، ولم يكتفِ بكونه من بين عشرة رجالٍ فيهم أبو بكر وابن عمه الخطاب وذو النورين عثمان بن عفان والبطل علي بن أبي طالب وطلحة الخير وابن عمة رسول اللَّه الزبير بن العوام وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح وخال رسول اللَّه سعد بن وقاص والبطل الإسلامي عبد الرحمن بن عوف، بل اختار رضي اللَّه عنه وأرضاه أن يكون أحد أبطال هذه الأمة الذين فتح اللَّه عز وجل عليهم ممالك الأرض وخزائنها، فكان سعيد بن زيد قائد سلاح الفرسان في معركة "أجنادين" الباسلة، أمّا في "اليرموك" فقد كان هذا البطل من بين البدريين المائة الذين فتح اللَّه عليهم بلاد الشام، ولنبقى قليلًا مع سعيد بن زيد رضي اللَّه عنه وأرضاه ليصف لنا يوم اليرموك والجيش الرومي بنفسه:

"سار الروم أمامهم الأساقفة والبطاركة والقسيسون يحملون الصلبان وهم يجهرون بالصلوات فيرددها الجيش من ورائهم وله هزيم كهزيم الرعد، فلما رآهم المسلمون على حالهم هذه هالتهم كثرتهم وخالط قلوبهم شيء من خوفهم، عندها قام أبو عبيدة بن الجراح يصيح بأعلى صوته بالمسلمين: يا عباد اللَّه. . . . إن تنصروا اللَّه ينصركم ويثبت أقدامكم، اصبروا عباد اللَّه، فإن الصبر منجاة من الكفر، ولا تتكلموا إلا بذكر اللَّه عز وجل، وارفعوا الرماح، وتترسوا بالدروع، حتى آمركم إن شاء اللَّه تعالى، عند ذلك خرج جندي من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة: يا أبا عبيدة. . . . يا أبا عبيدة. . . . . إني قد أزمعت على الشهادة، فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فبكى أبو عبيدة عند سماعه ذلك وقال له والدموع تبلل لحيته: نعم. إذا لقيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأقرئه مني ومن المسلمين السلام، وقل له: يا رسول اللَّه. . . . .

جزاك اللَّه عنا كل خير، إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا

يقول سعيد بن زيد: فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه ويمضي إلى لقاء أعداء اللَّه حتى قفزت من على فرسي، واقتحمت إلى الأرض، وجثوت على ركبتي،

<<  <   >  >>