"فلِيكن الهم الأول لكل مسلم فينا هو التفكير في كيفية استرجاع مجد هذه الأمة، ثم العمل على تحقيق ذلك بالفعل"
(الثعالبي في مؤتمر القدس)
من بين بنود نظرية "الغزو التاريخي" التي فصّلناها في بداية هذا الكتاب، بندٌ يُسمى بـ "قتل الشخصية"، هذا البند ينص على تحويل البطل أو الرمز إلى عدم، وفي أحسن الظروف إلى سراب! فيقوم بذلك غزاة التاريخ بعملية تشويهٍ منظّمة مستمرة، يتحول في نهايتها البطل إلى جبان، والمناضل إلى خائن، والعالم إلى مجنون، بحيث لا تكون الشخصية نفسها هي الهدف الرئيسي من هذه العملية الخبيثة، بل يكون فيها الهدف الأول والرئيسي هو: أنا وأنت! ليسقط بعد ذلك مفهوم القدوة في أعيننا، فلا نجد بطلًا تاريخيًا نستلهم منه سُبل النصر والتمكين، وبالتالي لا يكون أمامنا في نهاية بحثنا اليائس عن البطل المنشود إلّا أن نسلّم أننا أمة بلا تاريخ، وفي بعض الأحيان أمة بتاريخٍ قذر!!! فنصغر في أعيننا شيئًا فشيئًا، حتى نتلاشى تدريجيًا، فنتحول في نهاية المطاف. . . . . إلى ذكرى منسية في التاريخ!
وبطلنا الإسلامي العظيم الذي نحن في صدد الحديث عنه يُمثل نوعًا خاصًا من تلك الفئة المنسية التي تم قتلها في التاريخ، فكم منّا سمع في حياته ولو لمرة واحدة عن هذا النسر التونسي الذي حلق عاليًا ليس فوق جبال الأطلس في تونس فحسب، بل فوق جبال الهملايا في الهند، وهضاب الأناضول في تركيا، وقمم الألب في فرنسا؟! وكأن سُحب السماء وقمم الجبال ما فتأت تعانق أجنحته، لتجعل منه بطلًا عظيمًا من عظماء أمة الإسلام المائة، فلِتخشع القلوب، ولتشخص الأبصار، ولتصمت الألسنة، فنحن في صدد