الثمن، وبحسبة بسيطة يكون الثمن ٤٠٠٠٠٠، فتكون التركة الكاملة التي تركها لورثائه تساوي (٨٤٠٠٠٠٠) × (٣٢٠٠٠٠٠)، أي ثلاثة ملايين ومائتي ألف دينارٍ (ذهبي)! " هذا باستثناء الأموال التي كان ينفقها على المسلمين، والقوافل التي كان يوقفها في سبيل اللَّه، كل هذا لأنه لم ينتظر أن تأتيه "الوظيفة" كما يفعل خريجو جامعاتنا، فكلمة السر هي: "دلّوني على السوق! "
ومع نهاية قصة هذا الصحابي الإسلامي العظيم، أكون قد انتهيت من ذكر قصص الصحابة في هذا الكتاب، بدأتها بقصة أول العشرة المبشرين بالجنة (أبو بكر الصديق) وانتهيت بقصة عاشر العشرة المبشرين بالجنة (عبد الرحمن بن عوف)، ذاكرًا قصص بعض الصحابة بينهما، فلو كان الأمر بيدي، لكتبت قصص أصحاب محمد الذين يزيدون عن المائة ألف، فكل واحدٍ فيهم لديه قصة عجيبة جعلت منه واحدًا من أعظم خلق اللَّه في الكون. فوداعًا أصحابَ محمد، والعفو والسماح إن كنت قد قصّرت في حقكم، فأنّى لإنسانٍ أن ينصف من مثلكم، فعظمتكم ناطحت علياء السماء، فتعدت النجوم والثريا، فواللَّه إني ما كتبت عن واحدٍ منكم إلا وعشت معه وكأني أراه أمامي، ولا أعرف إن كان لمثلي أن يتمنى أن يرزقه اللَّه رؤيتكم في حضرة نبيه يوم القيامة، ولكني أعلم أن اللَّه على كل شيء قدير.
ومن عبد الرحمن إلى عبد العزيز، ومن صحاري الحجاز، إلى حدائق تونس الخضراء، نطير معًا برفقة نسرٍ إسلاميٍ عملاق، حلّق فوق قمم جبال الأطلس، يرفع بجناحيه راية الإسلام، لتعانق بذلك سُحب السماء! فمن هو ذلك القائد الإسلامي العظيم الذي لقن فرنسا درسًا في معنى النضال الإسلامي في تونس، ولقن الإنجليز درسًا آخرًا في معنى الحرية المحمدية في العراق؟ فتعالوا معًا لنسبر أغوار هذا النسر الإسلامي العملاق الذي رفع بجناحيه راية التحرير في تونس الخضراء، ليعلنها ثورة حتى النصر!