للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}

(البدريون)

" لعل اللَّه اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"

(رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)

في عام ٤٨٠ قبل الميلاد قام ٣٠٠ محارب من مملكة "إسبرطة" اليونانية بصد جيش جرار يتكون من أكثر من ٥٠ ألف مقاتل فارسي خرجوا لاحتلال بلاد اليونان. ورغم أن المعركة انتهت بمقتل جميع المحاربين الثلاثمائة في وادي "ثرومبلاي" على سواحل اليونان، إلا أن الإغريق لا يزالون يحفظون لهؤلاء الأبطال بسالتهم وتضحيتهم، وبات (ليونايدوس) قائد هذه الكتيبة الفدائية بطلًا قوميًا في اليونان إلى يوم الناس هذا. وعلى الرغم من تضخيم اليونان لهذه القصة ومزجها بالأساطير الإغريقية القديمة إلّا أنني أرى أن لهم كل الحق بتعظيم أبطالهم الذين صدّوا غزو جيش جرار من الغزاة الفرس (حتى ولو كان عدد الجيش الفارسي مبالغًا فيه من الناحية التاريخية!).

ولكن الشيء الثابت تاريخيًا، أن هناك ٣١٤ رجلًا ظهروا بعد تلك الحادثة بألف سنةٍ، لينتصروا في معركة فاصلة في تاريخ البشرية غيرت خارطة العالم إلى الأبد، ليدمروا بانتصارهم هذا الإمبراطورية الفارسية إلى الأبد، ثم تندحر بعدها الإمبراطورية الرومانية العظمى بفضل ذلك الانتصار بالتحديد. ٣١٤ رجلًا فقط غيَّروا مسار التاريخ في ملحمة إنسانية خالدة فرَّقت بين الحق والباطل إلى يوم القيامة، سمّاها اللَّه في كتابه الكريم بيوم الفرقان، فكانت هذه المعركة وبحق أعظم معركة عرفتها الإنسانية على مر العصور والأزمنة، وكان هؤلاء الفرسان أعظم فرسان عرفتهم البشرية. . . . إنها معركة بدر الكبرى، التي سُمي أبطالها باسم البدريين.

وربما يقول قائل أن هؤلاء الرجال الـ ٣١٤ مجاهد إنما قاموا بالانتصار فقط في معركة محدودة في بقعة مجهولة في صحراء العرب لا تكاد ترى على الخارطة، وأن الإمبراطورية الفارسية الساسانية سقطت بعد ذلك بـ ٢٠ عامًا وبالتحديد بعد معركة

<<  <   >  >>