"من سعد بن أبي وقاص، إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. . . . وبعد،
فإن اللَّه نصرنا على أهل فارس ومنحهم سنن من كان قبلهم من أهل دينهم بعد قتال طويل، وزلزال شديد، وقد لقوا المسلمين بعدة لم يَرَ الراءون مثل زهائها فلم ينفعهم اللَّه بذلك، بل سلبهموه ونقله عنهم إلى المسلمين. وقد اتبعهم المسلمون على الأنهار، وعلى طفوف الآجام، وفي الفجاج"
كان ذلك الشيخ العربي الفقير يخرج كل صباح بعد صلاة الفجر إلى الصحراء القاحلة على حدود المدينة ليبقى هناك حتى انتصاف النهار وهو يحدّق قبالة المشرق، حتى جاء ذلك اليوم الذي شاهد فيه من بعيد فارسًا عربيًا على ظهر ناقة عربية أصيلة تسرع الخطى نحو المدينة، فركض نحوه ذلك الشيخ الفقير يسلم عليه ويسأله من أين أتى، ليجيبه ذلك الفارس العربي أنه قد أتى من القادسية في أرض العراق رسولًا من القائد الأعلى للقوات الإِسلامية المجاهدة هناك، فتغير وجه ذلك الشيخ قبل أن يسأل الفارس العربي بلهفة قائلًا: يا عبد اللَّه حدثني ماذا فعل المسلمون؟ فنظر إليه ذلك الفارس العربي بعينيه السوداوين ونظرة ثاقبة وقال له: أيها الشيخ الطيب. . . لقد هزم اللَّه العدو! أما الآن فدعك عني، فإني على عجلة من أمري أريد إيصال كتاب النصر من سعد بن أبي وقاص إلى خليفة المسلمين. وما أن فرغ ذلك الفارس من قولته تلك حتى انطلق على ظهر ناقته مسرعًا نحو المدينة، وذلك الشيخ الفقير يجري وراءه كالطفل الصغير