للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الشهيد" (نور الدين زنكي)

" قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإِسلام وفيه إلى يومنا هذا، فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين"

(ابن الأثير)

هو ريحانة بلاد الشام، وأستاذ صلاح الدين الأيوبي، سماه بعض المؤرخين "سادس الخلفاء الراشدين" لعدله ودينه وحسن سياسته، هذا الرجل الذي لا يعرفه كثير منّا هو الصانع الحقيقي لنصر حطين، إننا نتحدث عن نورٍ أضاء اللَّه به الدين في أشد أوقات الأمة عتمة وسوادًا، إننا نتحدث عن نور الدين محمود ابن عماد الدين زنكي، المشهور باسم "نور الدين الشهيد"!

وقبل أن نبحر سويًا في سيرة هذا البطل العطرة، أرى أن أقف قليلًا عند لقب "سادس الخلفاء الراشدين"، فأنا لا أرى أن هذا اللقب صحيح من الناحية التاريخية على الإطلاق! وليس هذا انتقاصًا من قدر هذا القائد العظيم الذي قدّم للإسلام الشيء الكثير، بل لأن الذين يطلقون عليه لقب سادس الخلفاء الراشدين هم أنفسهم الذين يطلقون على عمر بن العزيز رحمه اللَّه لقب خامس الخلفاء الراشدين، ومع إيماني اليقين أن كليهما من أعظم من أنجبت أمة الإِسلام، إلا أن في هذه الألقاب انتقاصٌ كبير لأمير المؤمنين الحسن ابن علي -رضي اللَّه عنهما-، والذي كان خامس الخلفاء الراشدين بدليل حديث رسول اللَّه الذي نص فيه بأن الخلافة بعده ثلاثين عامًا، أما إذا أردنا أن نطلق لقب سادس الخلفاء الراشدين على أحدٍ من البشر، فالأوْلى إذَا أن نطلقه على صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكاتب وحي السماء معاوية بن أبي سفيان -رضي اللَّه عنهما- والذي لو أنفق عمر بن عبد العزيز ونور الدين زنكي وصلاح الدين كنوز الأرض في سبيل اللَّه ما بلغوا شيئًا من فضله أو فضل

<<  <   >  >>