للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي شكلٍ من أشكال العواطف الإنسانية، إلا أن عظيمنا الإسلامي الذي نحن في صدد الحديث عنه ليس رجلًا كباقي الرجال، بل هو نوعٌ خاصٌ من البشر الذين لا يمكن لك أن تفصل ذكر العاطفة عنهم أبدًا، كيف لا وعمر بن الخطاب نفسه تمنى أن لو كان بمقدوره نظم الشعر لكي يرثيه به! والحق أقول أنني كنت استغرب في البداية عن سر ضعف الفاروق كلمّا جاء ذكر أخيه زيد، وربما اعتقدت حينها أنها مجرد عاطفةٍ أخ لأخيه، وهذا جزء من الحقيقة لا أنكره، ولكنني عندما قرأت ترجمة هذا الإنسان العظيم فهمت سر ضعف الفاروق، فنحن في صدد ذكر بطل نادرٍ من أبطال أمة الإسلام. . . . . إنه الفدائي البطل زيد بن الخطاب رضي اللَّه عنه وأرضاه.

البداية كانت في بيت الخطاب بن نفيل بن عمرو، في هذا البيت نشأ زيد مع أخيه عمر تنشأة عربية صلبة، ليشاء اللَّه أن يسلم زيد قبل أخيه عمر، وفي معركة أحُد رأى عمر أن درع أخيه الكبير زيد قد سقطت منه وهو يقتحم صفوف المشركين اقتحام الأسود، فخاف عليه من أسنة الرماح، فخلع درعه من على صدره وصاح بأخيه: # يا زيد. . . . يا أخي. . . . خذ درعي فقاتل بها" فنظر إليه أخوه الكبير وهو يبتسم وقال له: "اني أريد من الشهادة مثل ما تريد يا عمر" عندها رمى عمر الدرع على الأرض وصار الاثنان يقاتلان الأعداء من دون أي دروع تحمي صدورهم!

وبعد أن مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ارتدت كثيرٌ من القبائل العربية التي لم تكن متعودةً على الوحدة، واعتبرت أن مشروع الوحدة قد انتهى بانتهاء حياة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمنهم من ادعى النبوة، ومنهم من أراد تقليل عدد الصلوات، ومنهم من رفض دفع الزكاة، فقام الصدِّيق بإرسال الجيوش تلو الجيوش إلى أصقاع الجزيرة العربية لمحاربة جيوش المرتدين.

وهنا لنا وقفة قصيرة مع حروب الردة. . . . . فهل كانت هذه الحروب من أجل أموال الزكاة أو كما يصورها بعض المستشرقين وأتباعهم من المنافقين من أجل الضريبة المالية؟

الحقيقة أن الإسلام أصبح بعد وفاة النبي على مفترق طرق، فإما أن يرضى المسلمون بإسقاط ركن من أركان الإسلام، فيكون مقدمة للمساومة التي ستسقط فيما

<<  <   >  >>