الشباب المسلم من أتباع الشيخ البطل محمد بن عبد الوهاب توافد الحجيج على مكة والمدينة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فأخذ أولئك الشباب يعلمون الحجيج مبادئ التوحيد والإسلام الصحيح، فتعلم كثيرٌ من حجاج بيت اللَّه الحرام من مختلف أرجاء العالم من أولئك الموحدين، ثم قام أولئك الحجاج بنشر هذه المبادئ التوحيدية في بلدانهم، وهكذا جدد الإمام محمد بن عبد الوهاب دين الأمة الإسلامية بأسرها، وما زال يجددها بعد مماته بفضل كتابه العظيم، كتاب "التوحيد"!
بقي أن أنوه إلى أمرٍ أخير، فلقد اجتهدت في إطلاق لقبٍ على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذا الكتاب ألا وهو "آريوس أمة محمد"! وذلك بعد أن رأيت تطابقًا عجيبًا بين قصة هذا الإمام وقصة آريوس التي سبق أن ذكرناها سابقًا في هذا الكتاب، فكلاهما رفض تغيير مبدأ التوحيد، وكلاهما لم يكن له مذهب أصلًا لكي يتبعه الناس، وكلاهما حورب في حياته وبعد مماته، وكلاهما دعا إلى الرجوع إلى فهم سلف الأمة للإسلام وترك التقليد الأعمى للمذاهب، هذا إلى رجال القرون الثلاثة الأولى من أمة محمد، وهذا إلى رجال القرون الأولى من أمة عيسى! والشيء اللافت للنظر أن النصارى الموحدين من أتباع أريوس والذين رفضوا البدع سُمّوا من دون أن يعلموا بـ "الآريسيين"، بينما سُمّي المسلمون الموحدون الذين رفضوا البدع وأنكروا على الناس دعاءهم لغير اللَّه أيضًا بدون علمهم أيضًا باسم "الوهابيين". . . . أو "الوهابزم" كما يحب أن يسميهم حيّاوي الكذاب!
الغريب في الأمر أن دعوة التوحيد هذه لم تكن مسألة مسلمّا بها في كل حِقب تاريخ أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل إن التوحيد لطالما كان في مهب الريح بين الحين والآخر في تاريخ هذه الأمة!
فما هي قصة التوحيد في بلاد المغرب الإسلامي؟ وما هي الأوضاع المزرية التي وصل لها المسلمون في المغرب الإسلامي في القرن الخامس الهجري؟ وكيف كان المسلمون هناك يحرمون أكل لحم الخنزير ويحللون أكل لحم الخنزيرة؟! وما هي قصة المرابطين؟ ولماذا سُمّوا بهذا الاسم؟ ومن يكون ذلك البطل الإسلامي العملاق الذي ظهر على ضفة نهر السنغال في أقصى الغرب الأفريقي ليسجل اسمه بحروفٍ من نورٍ في قائمة العظماء المائة في أمة التوحيد؟