تذكرت وأنا أستمع لقصة هذه الطفلة البطلة قصة الطفل البطل الزبير ابن العوام وهو رافعٌ سيفه -الذي يكاد يفوقه طولًا- في أزقة مكة، وذلك لكي يدافع به عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. الجميل في الأمر أن هذه البطلة هي بنت عمة ذلك البطل! فخديجة بنت خويلد أم فاطمة هي أخت العوام بن خويلد أبي الزبير، فسبحان الذي خلق الزبير! وسبحان الذي خلق فاطمة!
وفاطمة بنت محمَّد رضي اللَّه عنها وأرضاها لم تكن بطلة فحسب، بل كانت ابنة بطل وابنة بطلة وابنة عمة بطل وزوجة بطل وأم بطلين عظيمين، وكأن البطولة تجسّدت وأرادت أن تختار لها اسمًا فلم تجد إلى اسم فاطمة! وكيف لا وهي تلميذة بيت النبوة التي تربت في أحضان أشجع مخلوقٍ خلقة اللَّه في العالمين، في أحضان والدها الذي كان يحبها حبًا ما أحبه أبٌ لابنته في تاريخ الدنيا بأسرها، وواللَّه لكأني برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على فراش الموت وفاطمة تدخل عليه حجرته، ولا أعلم هل كانت وطأة الموت أشد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم إحساسه بالضعف لعدم قدرته على القيام لابنته الحبيبة لتقبيلها بين جبينها؟ فقد كان رسول الرحمة يقوم من مجلسه دائمًا إذا ما أقبلت عليه ابنته ليقبلها بين عينيها ثم يجلسها مكانه، ولقد كانت هذه المرة الوحيدة التي يعجز فيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن القيام لحبيبة قلبه، وكانت هذه المرة الوحيدة التي يعجز فيها أعظم إنسانٍ عرفته البشرية عن تقبيل جبين بنيته!
وحكايات فاطمة رضي اللَّه عنها وأرضاها في البطولة والشرف لهي أكثر من أن تحصى وأعظم من أن تتسع لها صفحات معدودة في كتاب من الكتب، فالمواقف البطولية التي تصف عظمة فاطمة بنت محمَّد بن عبد اللَّه أكثر من أن تحصى في ألف ألف كتاب! فنحن لا نتكلم عن السيدة الأولى في بلد من البلدان العربية، ولا نتحدث عن سيدة مجتمع من الطبقات الأرستقراطية، بل نتحدث -وانتبه معي- عن سيدة نساء أهل الجنة!!! شرفٌ جعل من قلمي عاجزًا أن يكتب أكثر من ذلك، فماذا عساني أن أكتب عن سيدة هي سيدة نساء أهل الجنة؟!
والحقيقة التي لا تعرفها أغلب بناتنا -ممن يطلبن لبن العصفور من خطابهن- أن