فلسطين المباركة، هناك على غصون تلك الزيتونة كانت تلك العصفورة تطعم فرخًا صغيرًا لها، فصادف ذلك وجود سيدة كريمة من بني إسرائيل اسمها (حِنّة بنت فاقود) كانت زوجة لعالم جليل من بني إسرائيل اسمه (عمران) وهو رجلٌ من ذرية داود وسليمان عليهما السلام، المهم أن حِنة هذه لم يكن لها ولد، فلمّا رأت تلك العصفورة تطعم فرخها الصغير اشتهت الولد، فاستيقظت في داخلها عاطفة الأمومة، فدعت اللَّه أن يرزقها بالولد، فاستجاب اللَّه لدعائها، فلمّا أحست بالجنين يتحرك في داخلها أرادت أن تشكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فنذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، فلما جاء المولود أنثى أسماها الزوجان باسم (مريم) وهو اسمٌ يعني (العابدة) باللغة العبرية، ولكن عمران وزوجته احتارا في أمر مريم، فلقد كان الذكور فقط هم من يُسمح لهم بالخدمة في القدس، ولكنهما على الرغم من ذلك ذهبا بها إلى القدس لكي يربياها تربية تصنع منها عظيمة من عظيمات التاريخ, وهنا يأتي دور الوالدين المهم والأساسي في صناعة العظماء، فما إن وصلا للقدس حتى تدافع علماء بني إسرائيل نحو تلك الرضيعة كلهم يريد أن ينال شرف تربية ابنة عالمهم الشهير عمران، فاختلفوا فيما بينهم أيهم يكفلها، فاتفقوا على أن يقترعوا فيما بينهم بقرعة عجيبة، وذلك بأن يرمي كل عالم منهم بقلمه في نهر الأردن، فيكون صاحب القلم الذي يسبح عكس التيار هو صاحب شرف تربية مريم، فجرف التيار كل الأقلام إلا قلمًا واحدًا وجدوه يجري عكس التيار، فلما أحضروا ذلك القلم وجدوه قلم رجلٍ صالحٍ يعني اسمه بالعبرية (مذكور اللَّه) وهو نبي اللَّه (زكريا)! فرباها زكريا عليه السلام خير تربية، فنشأت مريم الطاهرة كوردة بيضاء في بستان طاهر، حتى أصبحت تلك العذراء العظيمة التي يعتبرها المسلمون سيدة من نساء أهل الجنة، بينما يعتبرها اليهود امرأة زانية زنت مع رجل اسمه (يوسف النجار) لتحمل بعيسى الذي لا يعترفون بنبوته (وربما كانت الأصول اليهودية لمؤسس المذهب الشيعي عبد اللَّه بن سبأ سببًا في طعن الشيعة بزوجات الرسول وزوجة إمامهم الحسن بن علي. . . . العربية!)، وبسبب هذه التربية الصالحة أصبحت السيدة مريم العذراء مثالًا للعفة والطهارة لكل نساء العالمين، وليختارها اللَّه بعد ذلك لكي تحمل كلمته التي ألقاها عليها جبريل، لتكون بذلك صاحبة أطهر بطن، وأصفى حمل، وأسعد ميلاد. ولم يكتف اليهود بالطعن