إسبانيا رغم كل ما كانوا يعانوه من قتل واضطهاد، بل إنني لا أخفيكم سرًا بأنني في لحظة معينة ظننت أن أولئك الموريسكيين رضوا بالذل والإهانة في حكم النصارى حتى لا يفقدوا بيوتهم وحدائقهم الغناء في الأندلس! والحقيقة أنني عثرت على معلومة تاريخية أثبتت لي خَطأ ذلك الظن السوء، فلقد قامت الملكة المجرمة (إيزابلا) بمشورة من كبير القساوسة الكاثوليك الكاردينال (ثيسنيروس) بإصدار مرسوم ملكي تأمر فيه المسلمين الإسبان باعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد. لكنها فرضت على الراغبين في الرحيل إتاوات وغرامات مستحيلة لا يملكها فقراء المسلمين، ولكن الأنكى من ذلك أنها فرضت على كل من ينوي المغادرة من المسلمين التخلي عن أطفالهم الصغار ليتم تنصيرهم! وهنا يتساءل الإنسان مرة أخرى: كيف لقلب امرأة المفترض أنها أنثى وأم لعدة أطفال أن تصدر قرارًا إجراميًا مثل هذا القرار المخيف الذي يفرق بين الأمهات وأطفالهن؟! والحقيقة أنني لم أجد إلا تفسيرًا منطقيًا واحدًا يفسر هذه القسوة المرعبة لهذه الملكة الإسبانية، إلا أنني عثرت على معلومة جانبية ذكرها مؤرخو الإسبان قد تفسر لنا هذه القسوة: فالتفسير الوحيد الذي أجده هو أن قلب إيزابلا قد مات بالفعل بسبب بسيط هو بعدها عن الماء!!! وأنا لا أنقل إلا ما كتبه مؤرخو الإسبان بأنها لم تغتسل إلا مرتين: الأولى يوم ولادتها سنة ١٤٥١ م والثانية ليلة دخلتها سنة ١٤٦٩ م، وبغض النظر عن يوم ولادتها التي اغتسلت فيه بدون إرادتها، فإن جسدها القذر لم يلمس الماء طيلة ٥٢ سنة إلا مرة واحدة، واللَّه سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، فلا شك إذا أنها كانت بقلب ميت لتصدر مثل ذلك القرار اللا إنساني بفصل الأطفال عن أمهاتهم، زاد من ذلك طبعا إيمانها الصليبي القوي وما كانت تجده من نصوص قتل الأطفال في الكتاب المقدس! هذا كله دفع الموريسكين لإخفاء إسلامهم وإظهار أنهم تنصروا، انتظارًا لفرج اللَّه من أحد المسلمين ليحررهم من ظلم النصارى. ولكن فرج اللَّه لم يأتِ للمورسكيين، فأتى مكانه ابتلاء اللَّه! فقد أراد اللَّه أن يختبر قوة إيمانهم بمحاكم التفتيش، ومحاكم التفتيش هو مصطلح للإجراءات المرعبة التي كان الإسبان النصارى يمارسوها بحق المسلمين من إخواننا الموريسكيين، تبدأ هذه المحاكم باقتحام بيوت كل من يُشتبه بأنه يخفي إسلامه، فإذا وجدوا في بيته