ونحن بهذه الدرجة المتخلفة من الثقافة! ولا يستقيم أبدًا -وأوجه كلامي هنا خاصة لطلبة العلم الشرعي- أن نهتم بحفظ القرآن الأحاديث ودراسة الفقه والعقيدة ونهمل الاضطلاع على أمور العالم من حولنا لدرجة تجعلنا معزولين بالكلية عن العالم الخارجي وما يدور من حولنا! فما هكذا كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين كانوا أعلم منا بألاف المرات بالقرآن والسنة، فالذي لا يعرفه الناس عن الصحابة الكرام رضوان اللَّه عليهم أنهم كانوا يتعلمون اللغات الأجنبية، وكانوا يحفظون الشعر وينظمونه دفاعًا عن دين اللَّه، وكانوا على دراية كبيرة بعلوم الزراعة والتجارة والصناعة بل وحتى علوم التاريخ والجغرافيا، والذي لا يعرفه الكثيرون عن أبي بكر رضي اللَّه عنه وأرضاه أنه كان عالمًا كبيرًا من علماء التاريخ الإنساني وعلماء الأنساب على مستوى الجزيرة العربية كلها، مما أهله لكي يكون مستشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مفاوضاته مع القبائل العربية قبل الهجرة. وزيد بن ثابت الأنصاري رضي اللَّه وأرضاه (وهو الشاب الذي كلفه عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه وأرضاه بقيادة فريق الصحابة لجمع القرآن الذي هو بين أيدينا الآن) تعلم العبرية في وقت قياسي بناءً على أمر شخصي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأضاف إليها السريانية، مما أهله ليكون ترجمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليسأل كل واحدٌ فينا نفسه: هل لو كنت تعيش في زمن الصحابة، أكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سيستعين بك في شيء، أم أن ما في جعبتك من علوم الدنيا لا يؤهلك لخدمة رسول العالمين في شيء؟!!
وألبانيا يا سادة دولة إسلامية في منطقة البلقان الأوروبية، التي كانت جزءً من ديار الإِسلام لما يزيد عن ٥٠٠ عام في ظل الخلافة الإِسلامية العثمانية الراشدة، وقد يُفاجأ البعض عند علمهم أن الإِسلام دخل إلى ألبانيا مبكرًا، وبالتحديد مع القرن الأول الهجري في ظل دولة الأمويين! فلقد بعث بنو أمية الدعاة والتجار إلى البلقان لينشروا الإِسلام هناك، فأسلم الألبان عن بكرة أبيهم، ليبدأ مسلسل مجازر الصرب الأرثذوكس على المسلمين منذ ذلك الوقت المبكر، وحتى الآن!
وفي عام ١٣٣٣ هـ - ١٩١٤ م وُلد لشيخٍ طيبٍ من شيوخ عاصمة ألبانيا القديمة "أشقدورة" هو الحاج (نوح بن نجاتي بن آدم الأشقودري) طفل أسماه محمدًا تيمنًا