الإطلاق، بعد أن ترك كتابًا للإنسانية، صُنّف كواحدٍ من أروع كتب العقيدة الإِسلامية، إننا نتحدث عن الإِمام المجتهد المفسر الفقيه (محمد بن علي ابن محمد الشوكاني الصنعاني اليماني) صاحب الكتاب الأعجوبة "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار".
واستسمحكم مرة أخرى. . . . . لنقف قليلًا قبل الخوض في بحار سيرة الشوكاني، ولكن هذه المرة لكي نأخذ خلفية بسيطة عن إخواننا من المذهب الزيدي الذي ينتمي إليه الإِمام الشوكاني، أو بالأصح المذهب الذي كان ينتمي إليه الشوكاني قبل أن يرجع لأصول هذه الأمة التي لا تعرف المذاهب، وأحدد أكثر، المذهب الذي وُلد عليه الشوكاني قبل أن يتركه ويترك كل المذاهب ليعود إلى الدين الإِسلامي الذي كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين قبل إنشاء الفرق والمذاهب!
فالزيدية مذهب من مذاهب الشيعة، إلا أنهم لا يتركون بناتهم للمتعة، ولا يسبُّون أبا بكر وعمر، ولا يتهمون زوجات الرسول بالزنى، والأهم من ذلك. . . . لا يخونون! أي أنهم أقرب للسنة منهم للشيعة، إلا أنهم يرون أن علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر! وهذا شيء لا يخرجهم أبدًا من دائرة الإِسلام، ولا يخرجهم من كونهم إخوة لنا (وهذا لا يعني أنهم على حق باعتقادهم بأفضلية علي!). أما لماذا سمّوا بالزيدية، فلإنهم ينتسبون إلى الإِمام (زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب)، وقد كان إمام كل الشيعة في زمانه، ولكن طائفة من أتباعه سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر، فترحَّم عليهما، فأبوا عليه ذلك وطلبوا منه أن يلعنهما، فرفض حفيد رسول اللَّه أن يلعن أصحاب جده، فرفضوه، وانشقُّوا عن فرقته، وتلك الفرقة اللعّانة هي التي سمِّيت في التاريخ باسم الرافضة، ذلك لأنهم رفضوا رأي زيد بن علي، وهؤلاء سيكون منهم من يؤسّس بعد ذلك مذهب "الاثني عشرية"، وهم أغلبية الشيعة في هذا الزمان وهو مذهب شيعة فارس وأتباعها والذي قتلناه بحثًا في هذا الكتاب، أم الشيعة الذين لم يخونوا إمامهم زيد بن علي رحمه اللَّه، فهم إخوتنا الزيدية الذين يتمركزون باليمن. ولكن قبل أن نترك موضوع الزيدية بقي أن أنبه على نقطة خطيرة، ففي السنوات الأخيرة اتجه (الخميني) وأتباعه لإحياء مسجد إمبراطوريتهم الفارسية المجوسية (التي كانت اليمن جزء منها في عهد الساسانيين!)، فقامت إيران برشوة أحد زعماء الزيدية ويدعى بـ (حسين بدر الدين