لم تقم لهم قائمة بعدها, لتهاجر القبائل اليمانية من اليمن بعد أن انعدمت سُبل الحياة هناك، وكان فيمن هاجر قبيلة يقال لها "قبيلة الأزد"!
والأزد هو الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر (وهو هود عليه السلام) ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه وعلى نبينا السلام. فهاجرت قبيلة الأزد إلى الشمال، فانقسمت عدة انقسامات، فاستوطن فرعٌ منها يُسمى بـ "الغساسنة" جنوب سورية وشمال الأردن ليكونوا مملكة "الغساسنة"، وسكن في مكة فرعٌ آخر لم يستطع أن يكمل الهجرة إلى الشمال فتخزّع (أي تأخّر) في الطريف فسُمّي لذلك بـ "خزاعة"، وسكن قسم ينتمي لرجل اسمه عمرو بن عبد اللَّه في المنطقة التي تعرف ببلاد "غامد" في السراة وشبه السراة وتهامة، وقد وقع بين عمرو هذا وبين عشيرته شر فتغمّد ذنوبهم -أي غطاها- ومنه الغمد، فسميت قبيلته بـ "غامد"، واستوطن أزدي آخر اسمه عامر بن حوالة بن الهنو بن الأزد ويقال له "الباقم" بوادٍ خصيب ذي زرعٍ وافر يقع شرقي مدينة مكة اسمه "وادي تربة"(وإليه يُنسب الترابين أجداد مؤلف هذا الكتاب!) أما القسم الأهم والذي يعنينا هنا هو قسم استوطن مدينة "يثرب" شمال الحجاز، هذا القسم كان ينقسم بدوره إلى قبيلتين هما "الأوس" و"الخزرج" وهما من أولاد خزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو ابن عامر بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وهم الذين سينصرون بعد ذلك اللَّه ورسوله، ليسمّوا باسم جديدٍ سيبقى محفورًا في ذاكرة التاريخ: الأنصار!
وفي الوقت الذي امتنعت فيه أعظم القبائل من نصرة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بعد معرفتهم بصدق دعوته (كقبيلة "شيبان" مثلًا) عرض "الأوس" و"الخزرج" على رسول اللَّه إيواءه ونصرته في مدينتهم بسرعة مدهشة!، وسأعرض الآن خمس عوامل ساعدت على الإسلام السريع للإنصار:
العامل الأول: اليهود!
قد يعجب البعض أن "اليهود" كانوا أهم عنصرٍ عمل على إسلام الأنصار السريع!، فلقد كان اليهود يهددون الأوس والخزرج بأنهم سيقتلونهم قتل عاد وإرم عندما يأتي نبي آخر الزمان الذي سيتبعونه!! فما إن اجتمع رسول اللَّه بنفرِ من الأوس والخزرج في مكة