يعلم أن هذه السيدة العربية هي نفسها التي أتحفت الشعر العربي بقصائد الرثاء عندما مات أخوها (صحر) في جاهليتها، وها هي الآن تحمد اللَّه على استشهاد أبناءها الأربعة!
الأخوان: القعقاع بن عمرو وعاصم بن عمرو: أحس الفرس باقتراب نهايتهم، فحاولوا محاولة أخيرة لتغيير مسار المعركة، فقاموا بتطوير خطة الهجوم في اليوم الثالث من أيام القادسية والذي عُرف بـ "يوم عماس"، فقاموا بربط المراكب على الفيلة، ولكنهم هذه المرة وضعوا حرس حول الفيلة، ليحولوا دون قطع المسلمين لأحزمتها، وكان قائد هذه الفيلة فيلٌ أبيض مجنون، درَّبه الفُرس على الحروب، فأصبح يفتك في صفوف المسلمين فتكًا، فتقدم الصحابيان الأخوان القعقاع وعاصم ابنا عمرو -رضي اللَّه عنهم- نحو الفيل الأبيض، فتوجه أحدهما نحو الميمنة، وتقدم الآخر نحو الميسرة، ليرفع كل منها رمحه، ثم يكبرا في نفس الوقت، ليفقأ البطل الأسطوري القعقاع العين اليمنى للفيل الأبيض، ويفقا أخوه البطل عاصم عينه الفيل اليسرى، لتتفجر الدماء شلالًا من رأس الفيل الأبيض، قبل أن يترنح يمينا وشمالًا، ليلحقه القعقاع بضربة من حسامه قطع به خرطومه، ليسقط ذلك الفيل العملاق على الأرض سقطة اهتزت لها أرض اليرموك، لتتخبط بقية الفيلة بعد مقتل كبيرها الفيل الأبيض، ولتهرب فيلة الفرس من أسود المسلمين!
دريد بن كعب النخاعي: كان هذا الرجل شيخ قبيلة "نخاع" العربية، فأراد أن ينافس القبائل العربية الأخرى، ولكنه لم ينافسها بقصائد الفخر والرقص الشعبي، بل نافسها بمسابقة "من سيربح الجنّة أولًا"، فجمع شباب قبيلته نخاع في عتمة الليل بعد غروب شمس اليوم الثالث، وقال لهم بخفية من أمره:"إن المسلمين تهيأوا للمزاحفة، فاسبقوا المسلمين الليلة إلى اللَّه والجهاد، فإنه لا يسبق الليلة أحد إلا كان ثوابه على قدر سبقه، نافسوهم بالشهادة، وطيبوا بالموت نفسًا، فإنه أنجى من الموت إن كنتم تريدون الحياة، وإلا فالآخرة من أردتم" ولأول مرة في تاريخ المعارك الحربية على الإطلاق، قامت هناك معركة كبيرة في منتصف الليل! قام بها أسودٌ من شباب قبيلة نخاعة في تلك الليلة التي سميت في التاريخ بـ "ليلة الهرير" لكثرة القتال فيها (الذي علا فيه هرير الأسلحة)،