أما في الأولى فقد خشيت أن أتحيز فيها للعرب من منظورٍ عنصري بحت، فيختلط بذلك لدي العام بالخاص، فأخسر في النهاية نعمة الإخلاص التي أرجو اللَّه أن يرزقنيها في هذا الكتاب. أما في الثانية فقد خشيت أن يُفسَّر دفاعي عن العرب على غير محله من قبل بعض مفكري الجماعات الإسلامية السياسية، والذين تصيبهم حالة عصبية عند سماعهم باسم العرب أو العروبة!
والحق أقول أن السبب الأول كان أهم عندي ألف مرة من السبب الثاني، فهجوم الجماعات الإسلامية السياسية على الكتاب أو صاحبه هو شيءٌ لا أرجوه، ولكنني لا أهتم له كثيرًا! فلا أنا عضو في جماعةٍ إسلامية سياسية أخشى أن أقال فيها من منصبي، ولا أنا أفكر أساسًا في الإنضمام في المستقبل القريب أو البعيد لأيٍ من تلك الجماعات التي كرَّست حياتها لتولي سدة الحكم في بلدانها، معظمة بذلك من شأن السياسة على حساب العقيدة، لدرجة دفعت بعضها إلى التحالف حتى مع إيران التي تطعن بشرف زوج رسول اللَّه وتلعن صحابته! مبررة تحالفها الإستراتيجي مع الرافضة بتحالف رسول اللَّه بعد الحديبية مع قبيلة "خزاعة" التي كانت مشركة في وقتها، ناسين بذلك -أو متناسين- أن خزاعة لم تكن تسب أصحاب محمدٍ يومًا، ولم تتهم زوجته عائشة يومًا ما بالزنى كما تفعل إيران وملاليها! فإلى أولئك "الإسلاميين السياسيين" أو بالأصح "السياسيين الإسلاميين" أقول: آن الوقت لكي تراجعوا أنفسكم، فواللَّه إن أيًّا منكم لا يقبل كلمة سوء تمس شرف أمه، فكيف يقبل على أمه عائشة زوجة رسول اللَّه أن تهان بأسفل التهم، فكيف بكم يوم الحشر أمام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يسألكم إن كنتم قد دافعتم عن عرضه وشرفه، فواللَّه إنكم بتحالفكم مع إيران ستخسرون الدنيا والآخرة، فلا كرسيًا ستأخذون، ولا شفاعة من محمد ستنالون. . . . إن أنتم لم تذوذوا عن عرضه!
أما بالنسبة للسبب الأول. . . . فقد توصلت بعد أشهر من المفاوضات الشاقة مع نفسي إلى نتيجة واقعية بالنسبة للكتابة عن العرب، فأنا فعلًا حين أكتب عن العرب أكتب مفتخرًا بانتسابي لهم! بل وأفتخر كثيرًا بانتسابي للعروبة كقومية! ولكنني في نفس الوقت لا أفتخر بذلك من منظورٍ قبلي قومي عنصري ضيق، لا يفرق بين أبي لهب العربي وأبي بكر العربي، بل على النقيض تمامًا، فأنا حين أفتخر بقوميتي الغربية فإنني أفتخر بانتسابي