امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا منعزلًا بصومعة، ولا تقطعوا نخلًا ولا شجرة، ولا تهدموا بناء".
فخرجت نساء المسلمين لتوديع أزواجهن قائلات لهم: "ردَّكم اللَّه إلينا صابرين" فرد أحد المسلمين على زوجته قائلًا: "أما أنا فلا ردني اللَّه"! لقد كان هذا قول أحد الفرسان الثلاثة، عبد اللَّه بن رواحة!
وعند مدينة "معان" الأردنية وفي سهلٍ يقال له "مؤتة" غدر الروم بالمسلمين، فقاد الإمبراطور هرقل بنفسه جيشًا يقترب من ربع مليون مقاتل لقتال ثلاثة آلاف مجاهد فقط لم يأتوا أساسًا لقتال الروم! فتشاور المسلمون في القتال أو الرجوع، فأصر الشاعر البطل عبد اللَّه بن أبي رواحة على القتال، وفعلًا قاتل المسلمون جحافل النصارى، فكان القائد زيد أول شهداء المعركة، فتناول جعفر الراية قبل أن تسقط وأخذ يقاتل كالأسد المفترس، فقطعوا يده اليمنى، فتناول الراية باليسرى، فقطعوها له، فحملها بعضديه، فغرسوا رماحَهم في قلبه ليستشهد، ليتناولها ابن رواحة من صدر جعفر منشدًا:
يا نفس إن لم تُقتلي تموتي ... هذا حياض الموت قد صليتِ
وما تمنيت قد لقيتِ ... إن تفعلي فعلهما هديتِ
وإن تأخرت فقد شقيتِ!
فاستشهد الفرسان الثلاثة، واستشهد معهم تسعة آخرون، ليكون مجموع الشهداء في هذه الملحمة الأسطورية اثني عشر شهيدًا فقط! من بينهم القادة "الفرسان الثلاثة"، بينما قتل المسلمون ٣٣٥٠ فارسٍ من الأعداء (حسب مصدر أجنبي!)، لينتصر خالد بن الوليد بتنفيذ الخطة الخالدية!
الجدير بالذكر أنه كان من ضمن أولئك المجاهدين شابٌ دون العشرين من عمره اسمه عبد اللَّه، هذا الشاب كون فيما بعد مع ثلاثة رجالٍ يحملون نفس الاسم "عبد اللَّه" رباعيًا لم تعرف البشرية مثله أبدًا، فقد كان لهذا الرباعي العظيم الدور الأكبر في حفظ سنة رسول اللَّه إلى الأبد!