على وجه السرعة أمرين اثنين أرى أنهما من الأهمية بمكان:
(أولهما) أن هناك قصة شهيرة يرددها بكل أسف المسلمون وهم يظنون أنها قصة تدعو للفخر والاعتزاز، هذه القصة هي قصة هدية هارون الرشيد للملك الألماني (شرلمان)، مختصر هذه القصة أن الرشيد بعث لشارلمان بهدية عبارة عن ساعة ضخمة، ليتعجب منها ذلك الملك الأوروبي ويظنها أنها مسكونة بالجن، وهذه القصة وإن كانت تبدو أنها قصة تبين مدى الرقي العلمي الذي وصل إليه المسلمون، إلا أنني أعتبرها من أخبث القصص التي انتشرت بين المسلمين، وسبب ذلك أن من روج لهذه القصة بين أن سبب الهدية هو دعم الرشيد لشارلمان الصليبي في قتاله للخلافة الأموية في الأندلس! وهذا إفكٌ واضح، وشرٌ فاضح، فأي تحالفٍ هذا الذي يعقده مجاهدٌ بتدين الرشيد مع صليبي مثل شارلمان؟! وأي قوة يرجوها إمبراطور مثل هارون الرشيد من ملكٍ من ملوك أوروبا المظلمة؟! فلو أراد الرشيد أن يستولي على الأندلس بأسرها من أيدي أبناء عمومته الأمويين، لاستولى عليها بلمح البصر، بل إنه لو كان يرى في أوروبا نفسها ما يستحق عناء غزوها في ذلك الوقت المظلم، لما أبقى فيها مدينة من دون أن يضمها إلى إدارة بغداد المركزية، ولقد بحثت شخصيًا عن مصدر هذه المعلومة، والحمد للَّه صدقت توقعاتي، فهذه المعلومة مصدرها الوحيد مستشرقة ألمانية تُدعى (زيغريد هونكه)!
(ثانيهما) أكثر من تكرر ذكرهم في هذا الكتاب: "قوم كالعادة"، والذين مللت شخصيًا من ذكرهم وذكر خياناتهم، فواللَّه لا أقصد أبدًا تكرار قصص خياناتهم في هذا الكتاب، لكنني ما بحثت في قصة من قصص الإسلام إلا ووجدت خيانة شيعية مغروسة في قلبها! وكأن القوم قد رضعوا الغدر رضاعة! فالخطا الوحيد الذي ارتكبه الرشيد في خضم هذه السيرة العظيمة هو أنه آمن للشيعة، فجعل لأحدهم منصبًا وزازيا، المشكلة ليس في ما فعله الرشيد رحمه اللَّه الذي ربّما أراد أن يعطي أولئك الخونة فرصة ليصلحوا بها ماضيهم القذر المليئ بالخيانات، المشكلة تكمن في الجريمة التي فعلها الوزير نفسه! والتي نقلها رواة الشيعة أنفسهم، كالعالم الشيعي الملقب بصدر الحكماء ورئيس العلماء (نعمة اللَّه الجزائري) في كتابه المعروف "الأنوار النعمانية" (٢/ ٣٠٨ طبعة تبريز