للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أطفالها قصصًا ساذجةً في نفس الوقت الذي تضيِّع فيه تاريخَ أبطالٍ حقيقيين مثل المغامر ابن فضلان؟ ولا أقولها تحيزًا أو عنصريةً، فلقد بحثت في كتب المتقدمين والمتأخرين، فما وجدت في تاريخ الأرض منذ نشأة آدم وإلى يوم الناس هذا عظيمًا واحدًا من عظماء الأمم والشعوب لديه عُشر مِعشار عظمة عظيمٍ واحدٍ من عظماء أمة الإسلام العظيمة! وأنا هنا أتكلم بنظرةٍ تاريخيةٍ بحتةٍ نابعةٍ من باحثٍ تاريخيٍ يزعم أنه قرأ تاريخ الحضارات من أول "الحضارة الصينية" التي أسسها الملك (شانغ) في الصين، إلى أيام "الحضارة الغربية" التي تسود العالم الآن، بل إني اكاد أجزم بأن تاريخ الأرض وتاريخ البشرية لا يساوي شيئًا على الإطلاق بدون تاريخ المسلمين، بل إن تاريخ الإسلام هو تاريخ الأرض نفسها!

ولقد خدعوك فقالوا لك في كتب التاريخ المدرسية أن "الحضارات قامت على ضفاف الأنهار"، فبربكم أي نهرٍ هذا الذي كان يجري بين مكة والمدينة عندما حمل محمد بن عبد اللَّه شعلة الحضارة الإنسانية ليضيئ بها ظلام الدنيا بأسرها؛ فهل سمع أحدٌ منكم نهرًا كان يُسمَّى نهر مكة؟ أو بحيرة الحارث بن حِلّزة مثلًا؟ وأي حضارة هذه التي قامت قديمًا على مصاب أنهار أوروبا اللامعدودة؟ فواللَّه لا أكاد أمر بمدينة أوروبية إلا وأجد فيها نهرًا أو نهرين يمران بها، بل إنني رأيت مدينة تجري بها ثلاثة نُهُرٍ!

وقصة مغامرنا الإسلامي -أحمد بن فضلان- توضح بشكلٍ بعيد مفهوم الحضارة ومقومّاتها، وفي نفس الوقت توضح لنا مدى القصور المعرفي المخيف الذي نحن عليه، فكيف لأطفالنا وشبابنا بل وحتى شيوخنا أن يجهلوا شخصية عظيمة مثل شخصية المغامر الإسلامي الرائع فعلًا أحمد بن فضلان، فحكايات هذا البطل العربي تفوق في غرابتها وتشويقها قصصر السندباد الخرافية، بل إن السينما الأمريكية والأوروبية صنعت له أفلامًا عالمية من شدة روعة مغامرته، كان أبرزها فلم أنتجته استديوهات السينما في هوليود سنة ١٩٩٩ م اسمه "المحارب الثالث عشر، The ١٣ th Warrior"، وهذا الفلم بما يحمله من تشويه للقصة الأصلية لطلنا الإسلامي إن دلَّ على شيء فإنه يدل على إهمالنا الفظيع بتاريخنا وتراثنا الإسلامي، الذي استخدمه الغرب في أدبه وفنونه.

وتبدأ قصة بطلنا يوم الخميس الموافق الحادي عشر من شهر صفر لسنة ٣٠٩ هـ الموافق

<<  <   >  >>