سمعت يا رسول اللَّه أنك أُخِذت وقتلت! فينظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحنان إلى عينيه الصغيرتين ويقول له: فماذا كنت صانعًا؟! فيقول الزبير بن العوام بكل حزم: جئت لأضرب بسيفي من أخذك!
ومن شوارع مكة إلى ضواحي المدينة، هناك عند جبل أحد، هناك تحت شمس الصحراء القاحلة عند بدء المعركة وقبل أن يلتحم الجيشان وقف ما رد ضخم هو أعظم فارس في جيش الكفار اسمه (طلحة بن أبي طلحة العبدري) والذي كان يُطلق عليه لقب "كبش الكتيبة" لشدة بأسه وضراوة قتاله، فتقدم هذا الوحش البشري راكبًا على جمل ضخم حاملًا راية المشركين في يده وهو ينادي في المسلمين طالبًا رجلًا منهم ليبارزه، عندها برز من بين كثبان الصحراء القاحلة وأشعة الشمس الملتهبة، هناك من بين شباب محمد. . . انبثق من بين أسنة السيوف اللامعة ورؤوس الرماح الشامخة شابٌ مفتول العضلات طويل القامة عريض الكتفين يمد الخطى بكل ثقة باتجاه كبش الكتيبة وكأنه البرق الخاطف، إنه هو هو ذلك الغلام الصغير الذي حمل سيفه قبل عدة سنوات ليذود به عن ابن خاله. . . إنه حواري رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . . إنه البطل الزبير بن العوام! فلمّا صار هذا البطل أمام الجمل الضخم وفوقه أعظم فرسان العرب، قفز الزبير فوق الجمل كالفهد الجارح وجذب بذراعيه القويتين الجمل وصاحبه نحو الأرض وبرك فوق كبش الكتيبة، وأمسك برأسه المخيف فجزها جزًا ليجعل من صاحبها جسدًا بلا رأس، عندها نظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ابن عمته صفية بكل فخر واعتزاز، فرفع صوته ونادى: اللَّه أكبر!
ومن أحد نتجه شمالًا من المدينة المنورة حتى نصل إلى اليرموك في بلاد الشام، هناك يتعجب الروم من فارس ملثم يتقدم وحده بفرسه قبل بدء المعركة كالصقر الكاسر، ليخترق جيش الرومان بفرسه وفي يده اليمنى سيف وفي يده اليسرى سيف آخر يحارب بهما معًا، لتتطاير رؤوس الروم عن اليمين وعن الشمال، لقد كان هذا الفارس الملثم هو الزبير بن العوام!
ومن الشام إلى مصر. . . . . هناك في قلب مصر تحصن الروم في حصن "بابليون" المنيع لمدة سبعة أشهر عجز فيها جيش (عمرو بن العاص) من إحداث أي اختراق فيه، عندها قرر الفاروق عمر أن يحل هذه المشكلة، فأرسل إلى عمرو مددًا يحتوي على