أن ما يدعو إليه الثعالبي من الرجوع إلى القرآن والسنة يمثل خطرًا على استمرارهم في تونس، فقبضوا عليه سنة ١٩٠٦ م ووضعوه في السجن بتهمة "محاربته للأولياء"! بعد أن رفع علماء الصوفية المتعاملين مع الاحتلال الفرنسي أعلامًا بيضاء عليها عبارة بالفرنسية: "اقتلوا الثعالبي الكافر!! ". ولما احتلت إيطاليا ليبيا سنة ١٩١١ م حاول الثعالبي مساعدة المجاهدين وإرسال المساعدات لهم، فنقم عليه الفرنسيون صنيعه، فقبضوا عليه مرة أخرى سنة ١٩١٢ م وأخرجوه خارج البلاد، فأضربت البلاد وأصر الشعب على رجوعه فعاد الشيخ الثعالبي إلى تونس سنة ١٩١٤ م، ليظل يعمل في مجالات الإصلاح إلى أن اعتقل سنة ١٩٢٠ م، حتى سُجن، قبل أن يخرج من البلاد سنة ١٩٢٣ م، فغادر تونس إلى إيطاليا ففرنسا، ثم إلى مصر فالحجاز، ثم استقر به المقام في العراق حيث أصبح أستاذًا في جامعات بغداد منذ سنة ١٩٢٥ م إلى سنة ١٩٣٠ م، ولما رأى العراقيون فصاحته المنقطعة النظير، انتدبه العراق للإشراف على البعثة الطلابية العراقية إلى مصر، فمثّل العراق في "مؤتمر الخلافة" بمصر سنة ١٩٢٥ م الذي دعا إليه شيخ الأزهر عقب إسقاط الخلافة. ثم ترك الثعالبي العراق إلى مصر، ومنها سافر إلى الصين وسنغافورة وبورما والهند، فأخذ يدعو الناس إلى الإسلام، فدرس حالة المنبوذين من الهندوس، فكتب في الصحف أن الحل الوحيد لمشكلتهم هي في الإسلام! فأسلم الآلاف من الهنود على يد هذا البطل التونسي، قبل أن يعود إلى تونس للمرة الأخيرة، حيث استقبل استقبالًا حافلًا من الشعب التونسي المسلم، فأخذ الشيخ الثعالبي يجاهد الفرنسيين بمقالاته وكتاباته حتى توفي رحمه اللَّه سنة ١٩٤٤ م بعد حياة حافلة من النضال والكفاح، وسنينٍ من السفر والترحال بدون كللٍ أو مللٍ في سبيل رفع راية الإسلام من جديد.
وفي الوقت الذي كان الثعالبي يجاهد فيه الفرنسيين في تونس، كان هناك من يجاهد الفرنسيين والإنجليز والطليان والصهاينة في قلب العالم الإسلامي!
فمن هو ذلك المجاهد الإسلامي العظيم الذي نقش اسمه في فلسطين بحروفٍ من نور؟ وكيف دخل الصهاينة إلى هذه الأرض المقدسة؟ وهل فعلًا باع الفلسطينيون أرضهم لليهود؟!! وما قصة ثورة القسّام الكبرى؟