للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٠٠ مسلم جزائري إلى أحد كهوف الجزائر مصطحبين معهم ماشيتهم هربًا من بطش الجنود وخوفًا على الفتيات الجزائريات من الاغتصاب، قام دعاة الحضارة "الإيتيكتيون" بإشعال النيران في الكهف على من فيه، ليذهب شباب القرية في الصباح ليتفقدوا أوضاع أهاليهم، ليجدوا العجب!

فلقد وجدوا جثث الأطفال المتفحمة بين بقايا الدواب المحترقة، فنار الفرنسيين لم تفرق بين الإنسان والحيوان في القتل، ثم وجدوا شيئًا جعل الكثير منهم يسقط مغمًا عليه من فظاعته ووحشيته، وجدوا جثة محترقة لرجل تتعلق يداه بقرني ثور متفحم يبدو أنه هاج من شدة الدخان، فاتجه نحو ذلك الرجل الذي صده بيديه، ولمّا أزاح الشباب جثة ذلك الرجل وجدوا من خلفها جثة لطفلة في حضن أمها وقد تفحمتا، لقد كان هذا الرجل زوجها الذي أراد أن يحمي طفلته وزوجته من ذلك الثور الهائج، فأمسك بقرنيه ليحميهم قبل أن تحترق العائلة والثور معًا بنار فرنسا!

هذه المآسي لا أذكرها من باب نكء الجراح على فرنسا، ولكن أذكرها لسببين، الأول هو رفض فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائمها التي ارتكبتها في حق المسلمين في الجزائر، وبذلك تكون امكانية تكرارها على المسلمين واردة (وهذا بالفعل ما حدث بالبوسنة منذ أعوام قليلة عندما فكّت فرنسا الحصار على الكاثوليك الكروات وأمدتهم بالسلاح لقتل المسلمين في البوسنة!). أما السبب الثاني فإن ذكر هذا البطش والجبروت يساعدنا على تقدير عظمة بطلنا الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الجهاد ضد المحتل الصليبي الفرنسي في هذه الظروف القاتمة، فلقد وحَّد الجزائري صفوف القبائل تحت إمرته وشرع بالنضال لطرد الغزاة، فأذاق الفرنسيين الويلات وكبدهم الخسائر الفادحة في معركة "المقطع" سنة ١٨٣٥ م، واستمر الأمير عبد القادر في تكبيد الفرنسيين ألوان الهزائم قبل أن يأسره الفرنسيون، ليلقوا به في سجون باريس، قبل أن ينفوه إلى "إسطانبول"، ليستقبله خليفة المسلمين هناك ويكرمه، فينتقل الأمير بعدها إلى "دمشق"، وهناك في حاضرة الأمويين يبرز لنا لماذا أصبح الأمير عبد القادر الجزائري عظيمًا من عظماء الإنسانية، ففي عام ١٨٦٠ م اندلعت فتنة دامية بين المسلمين والنصارى في دمشق، ويا للعجب. . .! لقد قام الأمير الجزائري بحماية النصارى وإيوائهم في بيته، على

<<  <   >  >>