للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجلين العظيمين الذين تمنى المشركون أن لو كان هو النبي في قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)}. ورغم أن الوليد كان من أغنى أغنياء العرب، إلّا أن ابنه خالد لم يركن لثراء أبيه، فكان يذهب إلى الصحراء القاحلة يدرب نفسه على القتال والصلابة، فقد كانت عشيرة "بني مخزوم" التي ينتمي إليها خالد هي المسئولة عن الأمور العسكرية في مكة، هذا ما دعا خالدَ ليقود جيش المشركين إلى الانتصار في أحد، بل إن خالد أراد قتل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- شخصيًا عند "الحديبية"، إلا أن اللَّه عصم رسوله من سيف خالد يوم أن شرع صلاة الخوف. وبعد إسلامه شارك هذا البطل العربي كجندي بسيط في معركة "مؤتة" تحت قيادة ثلاثة أبطالٍ أسطوريين، ليتسلم خالد بن الوليد القيادة بعد استشهاد "الفرسان الثلاثة" (وسيرد ذكر شأن أولئك العظماء الثلاثة بالتفصيل تباعًا في هذا الكتاب)، فقام خالد بوضع خطة حربية اعتبرت معجزة من المعجزات العسكرية، هذه الخطة ما زالت تدرَّس في الكليات العسكرية في كل أنحاء العالم، فلقد انتصر خالد بثلاثة آلاف مجاهد أمام مائتي ألف مقاتل نصراني من الروم وحلفائهم من نصارى الشام! ولكي تدرك مدى براعة تلك الخطة وسبب اختيارها لتدرَّس في المعاهد العسكرية، ينبغي عليك أن تذهب معي بخيالك إلى جنوب الأردن، وبالتحديد إلى مؤتة على بعد ١٣٠ كم إلى الجنوب من العاصمة الأردنية "عمان"، هناك يتواجد مائتا ألف مقاتل من الروم ونصارى الشام المتحالفين معهم، وفي وسط هذه المعمعة توجد مجموعة محاصرة من العرب لا تكاد ترى من كثرة الروم من حولهم والذين يقدرون بـ ٦٦ ضعفًا، ليقاتل المسلمون الروم حتى جاءت عتمة الليل، عندها جاءت ساعة الصفر للتنفيذ. . . .

الخطة الخالدية

أولا: جعل خالد بن الوليد الخيلَ تجري في أرض المعركة طوال الليل لتثيرَ الغبار الكثيف، لكي يتسنى له خداع الرومان بأن هناك مددًا قد جاء للمسلمين من المدينة!

ثانيًا: غَيَّر خالد من ترتيب الجيش، فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة، وجعل المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة، وحين رأى الرومان هذه الأمور في الصباح، ورأوا

<<  <   >  >>